والصدق والصبر، والتوبة والجهاد، وغيرها من الأعمال الصالحة، وهو سبحانه يكمل محبوباتنا في الآخرة برؤيته، وسكنى دار كرامته، ورضوانه، والتلذذ بألوان النعيم: {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (٥٥)} [القمر: ٥٥]
والدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، فالدنيا دار العمل، والمسلم فيها مقيد بأوامر الله، كما أن السجين مقيد بأوامر السجن، فلا يستطيع أن يأكل ما شاء، أو يتكلم مع من شاء، أو يزور من شاء، بل هو مقيد بأوامر السجن.
لكن يعطي من هذه الأشياء بقدر الحاجة.
فكذلك المسلم في هذه الدنيا مقيد بأوامرالله التي تصلحه وتنفعه، فهو يقوم بالعمل، والله يطعمه ويسقيه ويرزقه حسب الحاجة، وبقدر ما يصلحه، إلى أن يخرج من السجن، إلى قصور الجنة، حيث النعيم المطلق، والخلود الدائم هناك: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)} [السجدة: ١٧].
والله تبارك وتعالى له ملك السموات والأرض وما فيهن، فالكون كله ملكه، والإنسان ملكه، خلقه الله، وشرفه على ما سواه.
فمن أطاع الله سخر له كل شيء، ومن خضع لأوامر الله أخضع الله الكائنات كلها له من البحار والمياه والرياح وغيرها.
ولكن الإنسان إذا لم يطع الله ولم يكن له، فلا يكون الله له، ولا يكون معه، فإن الله مع المؤمنين والمتقين والمحسنين، ومن كان الله معه فكل شيء معه، ومن لم يكن الله معه فليس معه شيء: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (٣١) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (٣٢)} [فصلت: ٣٠ - ٣٢].