فعلى الإنسان أن يتفكر في آيات ربه المسموعة وهي القرآن: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٩)} [ص: ٢٩].
ويتفكر في آياته المشهودة وهي المخلوقات كما قال سبحانه: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (١٠١)} [يونس: ١٠١]
إن النظر والتدبر والتفكر من أعظم أنواع العبادة.
إن هذا الكون العظيم معرض هائل واسع لإبداع قدرة الرب، وعظمه خلقه، وتذكير بالخالق المبدع الذي خلق كل شيء.
وذلك يبهر الإنسان، ويشعره بالعجز المطلق عن الإتيان بشيء منه أصلاً.
إن الله عزَّ وجلَّ كما ينزل من السماء ماءً .. فينبت به زرعاً مختلفاً ألوانه .. كذلك أنزل من السماء ذكراً تتلقاه القلوب الحية .. فتنفتح له، وتنشرح به .. وتتحرك حركة الحياة بالحسن والجميل من الأقوال والأعمال .. والأخلاق والآداب.
وتتلقاه القلوب القاسية كما تتلقى الماء الصخرة القاسية التي لا حياة فيها ولا نداوة: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٣)} [الرعد: ٣].
والله حكيم عليم، له ملك السموات والأرض، وله الخلق والأمر، وهو الجواد الكريم على عباده: {إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (٢٤٣)} [البقرة: ٢٤٣].
وحقوق الله تبارك وتعالى على العباد نوعان:
أحدهما: أمره ونهيه، الذي هو محض حقه على العباد، ويتم بعبادته وحده لا شريك له، وطاعته في كل حال.
الثاني: شكر نعمه التي أنعم بها عليهم.
فهو سبحانه يطالبهم بشكر نعمه، والقيام بأمره.
فمشهد الواجب على العبد لا يزال يُشهده تقصيره وتفريطه، وأنه محتاج إلى عفو الله ومغفرته، فإن لم يتداركه بذلك هلك.