وفي كل لحظة تنفلق بأمر الله الحبة الساكنة عن نبتة نامية .. وتنفلق النواة الهامدة عن شجرة صاعدة .. وتنفلق البيضة الساكنة عن طير يتحرك ويأكل ويشرب.
وفي كل لحظة يتكون بأمر الله من النطفة الهامدة جثة متحركة، ذات سمع وبصر وعقل، في كل قرية، وفي كل مكان، وفي كل زمان.
وفي كل لحظة تتحول الصحاري القاحلة إلى رياض مزهرة مثمرة: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٩٥)} [الأنعام: ٩٥].
وفي كل لحظة تهب رياح .. وفي كل وقت تحمل الرياح سحاباً .. وفي كل فترة ينزل من السماء ماء. وفي كل لحظة يخرج من الأرض نباتٌ .. وفي كل آن يطلع من الأشجار ثمارٌ .. وفي كل لحظة يخرج من بطون الأمهات أولادٌ.
وفي كل لحظة يموت أحياء .. ويولد أحياء .. وكل إليه راجعون: {وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٩) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٨٠)} ... [المؤمنون: ٧٩، ٨٠].
فسبحان من خلق البشرية كلها من نفس واحدة، وجعل لها مستقراً ومستودعاً، فنفس هي مستودع لهذه الخلية في صلب الرجل، ونفس هي مستقر لها في رحم الأنثى، ثم تأخذ الحياة بتقدير العزيز العليم في النمو والانتشار، فإذا أجناس وألوان، وذكور وإناث، وشعوب وقبائل، ونماذج وصور لا تحصى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (٩٨)} ... [الأنعام: ٩٨].
فسبحان من خلق هذه الخلائق، وأوجد الأعداد المناسبة من الذكور والإناث في عالم الإنسان، لكي تبقى الحياة والأحياء على وجه الأرض في توازن دائم: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ