ومشهد الطير في جو السماء مشهد مكرور، قد ذهبت الألفة بما فيه من عجب، وتحليقه في جو السماء آية عجيبة: {أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٧٩)} [النحل: ٧٩].
فسبحان من جعل الطير قادراً على الطيران .. ومن جعل الجو من حولها مناسباً لهذا الطيران .. ومن أمسك بها طائرة في جو السماء.
إن التفكر في عظمة خلق السموات والأرض، وما فيهما من العجائب والآيات .. ينشأ منه توجيه القلب إلى الله .. وإيقاظه لرؤية آلائه .. وشهود رحمته وفضله .. وتملى بدائع صنعه في خلقه .. وامتلاء الحس بهذه البدائع والعجائب .. وفيضه بالتسبيح والحمد والتكبير: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١)} [الأنعام: ١].
والله تبارك وتعالى بديع السموات والأرض، ومنشئ هذه الخلائق الهائلة في السموات والأرض، وإنها لمخلوقات عظيمة، لكن الإلفة قد أفقدتنا الجمال والروعة التي يحسها القلب وهو ينظر إلى هذه البدائع للمرة الأولى.
ولا يحتاج القلب الواعي الموصول بالله إلى علم دقيق بمواقع النجوم في السماء، وأحجامها وطرق سيرها، ليستشعر الروعة والرهبة، أمام هذا الخلق الهائل العجيب من الخلاق العليم.
فحسبه إيقاع هذه المخلوقات على قلبه .. حسبه مشهد النجوم المتناثرة في الليلة الظلماء .. حسبه مشهد النور الفائض في الليلة القمراء .. حسبه الفجر المنفجر كل يوم بالنور الموحي بالتنفس والانطلاق .. حسبه الغروب الزاحف بالظلام الموحي بالوداع والانتهاء .. حسبه الأرض وما فيها من النبات النامي .. والنهر الجاري .. والحب المتراكب .. وما فيها من مشاهد وحركات لا تنتهي .. ولا يستقصيها أهل الأرض ولو قضوا أعمارهم في السياحة والتفكر والتملي.
إن آيات الله في الكون كفيلة بتوجيه الناس إلى الإيمان لو تدبروها، وتفكروا في