وكانت فيهم الطاعة لله ورسوله في شئون الحياة كلها خاصة أركان الإسلام.
وكانت طاعتهم لربهم ونبيهم على علم في ضوء علم النبوة لا على هواهم.
ثم مع علمهم كان عندهم الاستحضار لله عزَّ وجلَّ ولزوم ذكره، وكانوا يعبدون الله كأنهم يرونه قريباً مجيباً سميعاً بصيراً.
وكانت عندهم الأخلاق العالية، بإكرام بعضهم بعضاً، فهم أشداء على الكفار، رحماء بينهم: {تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: ٢٩].
ثم كلهم كانوا مخلصين في أعمالهم لله تعالى، عرضت عليهم المناصب والأموال فتركوها لله مخلصين له الدين: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥)} [البينة: ٥].
ثم الشيء المشترك بينهم جميعاً هو الدعوة إلى الله، فكما أن كلهم يعبدون الله فكذلك كلهم كانوا يدعون إلى الله كما أمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبلغ الشاهد منهم الغائب، فرضي الله عنهم وأرضاهم ورضوا عنه.
فالإيمان هو الدافع والمحرك لامتثال أوامر الله كلها.
فهو قوة دافعة لفعل الطاعات وكسب الحسنات.
وهو قوة ممسكة عن المعاصي والذنوب والسيئات.
ولكي يزيد الإيمان واليقين، وتقوى الأعمال، لا بد أن نعرف وعد الخالق لمن أطاعه حتى يصغر ما يعطيه المخلوق لمن أطاعه.
وأن نعرف وعيد الخالق لمن عصاه حتى يصغر وعيد المخلوق لمن عصاه.
وأن نعرف قدرة الخالق ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة حتى تصغر أمامنا قدرة المخلوق.
وأن نعرف نعم الخالق وإحسانه وآلاءه حتى تصغر نعمة المخلوق وأفضاله.
وبذلك يزيد الإيمان واليقين، ثم تزيد الأعمال، ثم يظهر حسن الأخلاق، ثم تصلح الأحوال، ثم يأتي رضا الله، ثم دخول الجنة.