للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معروفة، وعقل فرعون ليس فيه خلل، كان يملك مصر سنين طويلة، واليهود والمنافقون لهم عقول يعرفون بها الحق من الباطل، ولكن الخبث والحسد في القلب، منع قبول الحق والهدى.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ألا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ، فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وَهِيَ الْقَلْبُ» متفق عليه (١).

فالنفي يجب أن يكون تاماً شاملاً لكل شيء، والإثبات يجب أن يكون تاماً شاملاً لكل شيء .. وهذه هي حقيقة التوحيد.

فليس بيد أحد من الخلق شيء، الله بيده كل شيء .. هو الغني وكل ما سواه فقير .. هو القوي وكل ما سواه ضعيف .. هو الكبير وكل ما سواه صغير .. هو المالك وكل ما سواه مملوك .. وهو الخالق وكل ما سواه مخلوق .. وهكذا.

فله سبحانه الكمال المطلق في أسمائه وصفاته وأفعاله: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (٦٢)} [الزمر: ٦٢].

ومحمد رسول الله خطاب للأبدان، بأن تفعل كل شيء فعله محمد - صلى الله عليه وسلم -، وتترك كل شيء تركه محمد - صلى الله عليه وسلم -، ونفي جميع طرق الأعمال، وإثبات طريقة محمد - صلى الله عليه وسلم - في كل عمل، في العبادات والمعاملات والمعاشرات والأخلاق كما قال الله سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (٢١)} [الأحزاب: ٢١].

والله سبحانه فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته، فطر عباده على أنه سبحانه فوق مخلوقاته، كما فطرهم على الإقرار به، وفطرهم على الحق، وبعث الرسل بتكميل الفطرة وتقريرها لا بتحويل الفطرة وتغييرها.

والله سبحانه غني عن العرش وعن كل ما سواه، لا يفتقر إلى شيء من


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٥٢) ومسلم برقم (١٥٩٩) واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>