والفطرة الإنسانية التي فطر الله عليها العباد تكملها الفطرة الشرعية التي جاء بها الأنبياء، فإن الفطرة تعلم الأمر مجملاً، والشرعية تفصله وتبينه، وتشهد بما لا تستقل الفطرة به.
والإسلام والإيمان متلازمان كالروح والبدن، فكما لا يوجد روح إلا مع البدن، ولا يوجد بدن حي إلا مع الروح، فكذلك لا يوجد إيمان بلا إسلام.
فالإيمان كالروح، فإنه قائم بالروح ومتصل بالبدن، والإسلام كالبدن، ولا يكون البدن حياً إلا مع الروح، وإسلام المنافقين كبدن الميت جسد بلا روح.
وما من بدن حي إلا وفيه روح، ولكن الأرواح مختلفة متنوعة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الأرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ» متفق عليه (١).
وهكذا الإسلام الظاهر بمنزلة الصلاة الظاهرة، والإيمان بمنزلة ما يكون في القلب حين الصلاة من المعرفة بالله والخشوع والانكسار.
ومن فعل ما أمره الله به، وانتهى عما نهاه عنه ظاهراً وباطناً فقد استكمل الإسلام والإيمان الواجب عليه.
ومن ترك شيئاً من ذلك نقص من إسلامه وإيمانه بقدر ذلك، فمن نقص من الصلاة أو الزكاة أو الصوم أو الحج، فقد نقص من إسلامه بحسب ذلك.
والنقصان في الإيمان يكون في الإيمان الذي في القلوب من المعرفة بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله، ووعده ووعيده، والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
والأنبياء في ذلك درجات .. والمؤمنون درجات.
فالإيمان له مبدأ وكمال .. وظاهر وباطن .. وقوة وضعف .. وطعم وحلاوة .. وصورة وحقيقة، والإسلام كذلك.
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٣٣٣٦)، ومسلم برقم (٢٦٣٨).