والرسل وأتباعهم .. من أقوى مصادر القوة الإيمانية .. وتحريك العاطفة الدينية لدى الإنسان.
ولا تزال هذه الأمة تقتبس منها شعلة الإيمان، وتشعل بها مجامر القلوب، وتنير بها المظلم من الصدور التي انطفأ نورها وخمد في مهب الرياح والعواصف المادية.
وإذا أقفرت قلوب الأمة من الإيمان بالله، وانقطعت عن مصدره، عاشت في الظلمات، وأصبحت جثة هامدة، تلعب بها الأمم ولا تبالي، لأنها فقدت روحها ومكانتها، وانقطعت عن مصدر عزها ومجدها.
فصارت لا تقدم ولا تؤخر .. ولا تأمر ولا تنهى .. وترمى في أحضانها مزابل الأمم وقاذوراتها .. ولشدة سكرها تطير به فرحاً .. وتعتز بتملكه .. وتفخر بالتظاهر به .. وتربي أجيالها عليه .. وتبذل كل شيء في سبيل الدعوة إليه .. وتسقي فلذات أكبادها السم رطباً ويابساً، ظاهراً وباطناً، مع أن فيه حتفها وهلاكها، وفساد أحوالها، وغضب ربها ومولاها.
إن طوفان الكفر .. وطوفان الشرك .. وطوفان البدع .. وطوفان المعاصي .. وطوفان اللهو واللعب .. وطوفان المال والشهوات .. قد عمّ مشارق الأرض ومغاربها .. وضرب بجرانه بين العامة والخاصة .. وأهل الحاضرة والبادية .. ونُزع لباس الإسلام، وأُجهز على روحه في كثير من أنحاء الأرض.
وخاض كثير من المسلمين في مستنقعات العفن والرذيلة، وتمرغوا في وحل الفسق والفجور والفواحش بلا خوف ولا حياء ولا خجل.
وأحسب أن أكثر الأرض قد فسد، وتلوث بالدم المسفوح، والجيف القذرة، والملاهي العفنة، وراجت البدع المحدثة، وفتحت أسواق اللهو واللعب والمعاصي والفجور في كثير من ديار المسلمين، ووفرت لها الأموال والطاقات، حتى ملأت البر والبحر، والسهل والجبل، وسقط ما لا يحصى من المسلمين قتلى وجرحى، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.