للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السحرة لفرعون: {قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (١٢٥) وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (١٢٦)} [الأعراف: ١٢٥، ١٢٦].

إن المؤمن الذي يعرف إلى من يتجه؟ .. وإلى أين هو صائر؟ .. لا يطلب من خصمه السلامة والعافية .. إنما يطلب من ربه الصبر على الفتنة .. والوفاة على الإسلام: {رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (١٢٦)} [الأعراف: ١٢٦].

ويقف الكفر والطغيان عاجزاً أمام قوة الإيمان .. وثقف عاجزاً أمام القلوب التي خيل اليه أنه يملك الولاية عليها كما يملك الولاية على الرقاب .. ويملك التصرف فيها كما يملك التصرف في الأجسام .. فإذا هي مستعصية عليه، لأنها من أمر الله، لا يملك أمرها إلا الله.

وماذا يملك الطغاة إذا رغبت القلوب المؤمنة في جوار الله؟.

وماذا يملك الجبروت إذا اعتصمت القلوب بالله؟.

وماذا يملك السلطان إذا رغبت القلوب عن السلطان؟.

إنه لا يمكن أن يمضي المؤمنون في طريق الدعوة، ولا يمن أن يصبروا على ما ينتظرهم من التعذيب والتنكيل إلا بوجود اليقين بشقيه: أنهم المؤمنون .. وأن أعداءهم الكافرون.

وبهذا اليقين وبهذا التميز تأتي البركات والعواقب الحميدة للمؤمنين.

والإيمان هو نفي كل شيء عن غير الله .. وإثبات كل شيء لله .. فهو الذي بيده كل شيء .. وغيره ليس بيده شيء.

ولا يمكن أن يجتمع في قلب واحد، الإيمان بالله وتوحيده، والتوكل على غيره.

والتوكل على الله وحده لا يمنع من اتخاذ الأسباب، فالمؤمن يتخذ الأٍباب من باب الإيمان باله وطاعته فيما يأمر به من اتخاذها، ولكنه لا يجعل الأسباب هي التي تنشئ النتائج، فيتكل عليها.

فالذي خلق الأسباب، وأنشأ النتائج هو الله وحده، ولا علاقة بين السبب والنتيجة ي شعور المؤمن، فالكل بيد الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>