فهذا أثر الإيمان على القلوب، فبتدبر القرآن يزيد الإيمان، لأن التدبر من أعمال القلوب، وبه يعلم الإنسان ما جهل، ويذكر ما نسي، ويحدث في القلب رغبة في الخير، وشوقاً إلى كرامة الرب، ووجلاً من العقوبات، وزجراً عن المعاصي، وكل هذا مما يزداد به الإيمان، ويحصل به التوكل على الله وحده في جميع الأمور.
ثم يتزين البدن بالأعمال الظاهرة وأعلاها أداء حقوق الله بالعبادة وأعظمها الصلاة، وأداء حقوق العباد وأعلاها الزكاة كما قال سبحانه: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣)} [الأنفال: ٣].
فهذا أثر الإيمان على البدن عبودية تامة، وطاعة تامة.
فهؤلاء هم المؤمنون حقاً .. لأنهم جمعوا بين الإسلام والإيمان .. وبين الأعمال الباطنة والظاهرة .. وبين العلم والعمل .. وبين أداء حقوق الله وحقوق عباده: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤)} [الأنفال: ٤].
فهذا ثواب المؤمنين حقاً:
درجات عالية عند ربهم .. بحسب علو أعمالهم .. ومغفرة لذنوبهم .. ورزق كريم .. وهو ما أعد الله لهم في دار كرامته .. مما لا عين رأت .. ولا أذن سمعت .. ولا خطر على قلب بشر.
والمسلم وإن لم يصل إلى درجة هؤلاء في الإيمان يدخل الجنة، ولكن لا ينال ما نالوا من كرامة الله التامة: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (٢٦)} [المطففين: ٢٦].
إن الإيمان ليس كلمة يقولها اللسان .. ومن ورائها واقع يشهد شهادة عملية ظاهرة بعكس ما يقوله اللسان، فليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي .. ولكنه ما وقر في القلب .. وصدقه العمل.