فلذلك جرُّوا المسلمين إلى يقينهم ليكونوا وراءهم ولا يسبقونهم.
والله عزَّ وجلَّ أطلع إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - على ما في ملكوت السموات والأرض من المخلوقات، فلما علم أنه ليس بيدها شيء، وأن أمرها بيد الله وحده، صرف وجهه عن هذه الأشياء إلى خالق هذه الأشياء، وتوكل عليه وحده في جميع أموره فقال: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٧٩)} [الأنعام: ٧٩].
وبهذا اليقين العظيم واجه الباطل، وأنجاه الله من ظلم الطغاة، فلما ألقوه في النار، أنجاه الله من النار، وانتصر التوحيد على الشرك.
وكثير من الناس يقينه في الظاهر على الله، وفي الباطن على الأموال والأشخاص والأشياء، وهذا ليس بصحيح، فإن قاضي الحاجات واحد لا شريك له، وإن كان الله يقضي ببعض الأسباب حاجات بعض الناس امتحاناً وابتلاء، فالأسباب يبتلي بها المسلم، ويطمئن بها الكافر.
فالمؤمن يقينه على الله وحده، والكافر يقينه على الأسباب وحدها.
وكلما دخل حب الدنيا في القلب ضعف اليقين، ثم ضعف الإيمان، ثم ضعفت العبادة، ثم ضعف امتثال أوامر الله في جميع شعب الحياة، ثم جاء غضب الله وسخطه، ثم حلت العقوبات بالأمة.
وكلما استعملت الأمة النفس والمال والوقت على مراد النفس لا على مراد الله جاءت العقوبات والمصائب في الدنيا والآخرة كما قال سبحانه: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤)} [طه: ١٢٣، ١٢٤].
وثمرة الإيمان بالله وإخلاص العمل له حصول اليقين على ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله وخزائنه ووعده ووعيده، وعدم الالتفات إلى ما سواه.
وبكمال الإيمان، وكمال اليقين، وكمال التقوى تحصل الخيرات .. وتنزل