الغيوب وكلته إلى الأوهام والخرافات التي لا تقف عند حد، ولا تخضع لعقل.
والذين يهربون من الإيمان بالله، ويستنكفون أن يكلوا الغيب إليه، لأنهم قد انتهوا إلى حد من العلم لا يليق معه بزعمهم أن يركعوا ويركنوا إلى الدين.
هؤلاء الذين لا يؤمنون بالله ولا بدينه ولا بغيبه إنما يعاندون حقيقة الفطرة، وهي جوعتها إلى الإيمان، وعدم استغنائها عنه، وركونها إليه في تفسير كثير من حقائق هذا الكون التي لم يصل إليها علم البشر، وبعضه لن يصل إليه، لأنه أكبر من الطاقة البشرية، وخارج عن اختصاص الإنسان.
فعلم البشرية كلها لا يساوي ذرة بالنسبة للعلم الإلهي: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (٨٥)} [الإسراء: ٨٥].
وسر الحياة كان وما يزال مغلقاً على الناس كلهم، سواء كان في النبات أو الحيوان أو الإنسان، فما يملك أحد حتى اللحظة أن يقول كيف جاءت هذه الحياة؟، ولا كيف تلبست بتلك الخلائق؟.
ولا بد من الرجوع فيها إلى مصدر وراء هذا الكون المنظور وهو الله: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨)} [التغابن: ١٨].
وليس الإنسان وحده هو المحجوب عن غيب الله، بل كل من في السموات والأرض من خلق الله من ملائكة وأرواح، وإنس وجن، كلهم موكلون بأمور لا تستدعي انكشاف ستر الغيب لهم، فيبقى سره عند الله دون سواه.