للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (٧٦) وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (٧٧)} [الأنبياء: ٧٦، ٧٧].

وأيوب - صلى الله عليه وسلم - حين ابتلاه الله ببلاء شديد، فقد سلط الشيطان على جسده ابتلاء من الله، فنفخ في جسده فتقرح قروحاً عظيمة، ومكث مدة طويلة، واشتد به البلاء، ومات أهله، وذهب ماله فوجده الله صابراً راضياً عن ربه.

فدعا ربه، فكشف ضره، ومنحه مع العافية من الأهل والمال شيئاً كثيراً كما قال سبحانه: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٨٣) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (٨٤)} [الأنبياء: ٨٣، ٨٤].

فمتى يستفيد المؤمنون من قدرة الله، بالتوجه إليه وحده في كشف الكربات والأمراض، ودعائه، وحسن الصبر على بلائه، والله سميع مجيب.

ويونس - صلى الله عليه وسلم - أرسله الله إلى قومه فلم يؤمنوا، فوعدهم بنزول العذاب بأن سماه لهم، فلما جاءهم العذاب عجوا إلى الله وتابوا، فرفع الله عنهم العذاب كما قال سبحانه: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (٩٨)} [يونس: ٩٨].

ولكنه - صلى الله عليه وسلم - ذهب مغاضباً لقومه، وخرج من بين أظهرهم قبل أن يأمره الله بذلك، وظن أن الله لا يقدر عليه، وعرض له هذا الظن فركب السفينة فأوشكت على الغرق، فاقترعوا من يلقى في البحر، لئلا تغرق السفينة، فأصابت القرعة يونس، فألقي في البحر، فالتقمه الحوت، وذهب به إلى ظلمات البحار، فنادى في تلك الظلمات ربه ومولاه فأنجاه كما قال سبحانه: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (٨٨)} [الأنبياء: ٨٧، ٨٨].

فأقر لربه بكمال الألوهية، ونزهه عن كل عيب وآفة ونقص، واعترف بظلم نفسه

<<  <  ج: ص:  >  >>