ومعنا من الملائكة من لا يفارقنا فليستح العبد منهم، وليكرمهم، وقد نبه الله على هذا بقوله: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (١٠) كِرَامًا كَاتِبِينَ (١١) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (١٢)} [الانفطار: ١٠ - ١٢].
أي استحوا من هؤلاء الحافظين الكاتبين الكرام، وأكرموهم وأجلوهم أن يروا منكم ما تستحيون أن يراكم عليه من هو مثلكم.
والملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، وإذا كان ابن آدم يتأذى ممن يفجر ويعصي بين يديه وإن كان قد يعمل مثل عمله.
فما الظن بأذى الملائكة الكرام الكاتبين؟.
وما الظن بمبارزة الملك العظيم الجبار بالمعاصي والفواحش؟.
فما الذي غر الإنسان حتى غرق في بحر المعاصي والفواحش والمنكرات؟.
أغره حلم ربه؟، أم يظن أن الله لا يراه؟، أم استغنى بما عنده عن ربه؟، أم يحسب أنه لا يعود إليه؟.
{يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (٨)} [الانفطار: ٦ - ٨].
وللملائكة مع البشر ثلاثة أدوار:
الأول: دورهم مع جميع بني آدم مؤمنهم وكافرهم من تشكيلهم للنطفة، وحراسة العباد، ومراقبة كل أحد، وتبليغ الوحي، ونزع الأرواح ونحو ذلك.
الثاني: دور الملائكة مع المؤمنين، ومن ذلك:
١ - محبتهم للمؤمنين:
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا أحَبَّ اللهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللهَ يُّحِبُّ فُلاناً فَأحْبِبْهُ، فَيُّحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللهَ يُّحِبُّ فُلاناً فَأحِبُّوهُ، فَيُّحِبُّهُ أهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الأرْضِ» متفق عليه (١).
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٣٢٠٩) واللفظ له، ومسلم برقم (٢٦٣٧).