فماذا أعد الله لهؤلاء في الدنيا والآخرة؟: {لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (٣٤)} [الرعد: ٣٤].
ما الذي دهى كثيراً من المسلمين حتى رفعوا أحكام القرآن من واقع الحياة؟، وما الذي صرفهم عن مصدر عزهم وسعادتهم؟.
لقد كان هذا القرآن العظيم هو مصدر المعرفة والتربية، والتوجيه والتكوين، لجيل من البشر فريد، وهو جيل الصحابة الكرام.
لقد أنشأ الله بمشيئته وقدرته بهذا الكتاب تلك المعجزة المجسمة في عالم البشر، وهم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي معجزة واقعة مشهودة، وذلك المجتمع الفريد كانت تحكمه الشريعة التي جاء بها هذا الكتاب العزيز.
وكان هذا المجتمع معجزة أخرى في تاريخ البشرية لما يتحلى به من مكارم الأخلاق وحسن الآداب، التي رضي الله عنهم بها، ورضوا عنه، وكانوا بإيمانهم وأخلاقهم وأعمالهم قدوة ورحمة للبشرية فرضي الله عنهم أجمعين: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٠٠)} [التوبة: ١٠٠].
والمجتمعات التي تفوق المسلمين في الإمكانات المادية، لا تطاولهم في الإيمان والأخلاق الكريمة العالية، وحياة اليوم كالأمس.
فهل تحكم الأمة كتاب ربها ليعزها ويرفع ما بها من ذل؟.
وإذا هجرت الأمة كتاب ربها .. وسكت العلماء عن بيان الحق وأحكام الدين .. وقعد الدعاة عن نشر الدين بين الأمم .. واشتغل الناس بالأموال والأشياء .. وزهدوا في الإيمان والأعمال .. وفقد الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر .. ونقضت الأمة عهد ربها وميثاقه.
إذا حصل هذا في الأمة فقد أحلت بنفسها غضب الله وسخطه، واستوجبت