للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن دينهم، من أي لون كانت هذه العوائق.

فإذا استشهد في هذا فهو إذاً شهيد .. أدى شهادته لدينه .. ومضى إلى ربه .. وهذا وحده هو الشهيد .. بل هو أعلى الشهداء.

وهذا عمل الأنبياء، بل عمل سيد الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه.

والله رؤوف بالعباد، والملك ملكه، والخلق خلقه، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض، لا يمكن أن يترك خلقه للشياطين تعبث بهم.

فحين حرف اليهود والنصارى كتاب ربهم .. وبدلوا شرائعه .. وكذبوا وافتروا .. وظلموا وطغوا .. وجحدوا وكتموا الحق .. وصدوا عن سبيل الله .. وقتلوا الأنبياء والرسل .. وتركوا العمل بدينهم .. ونقضوا العهد .. ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم .. واشتروا به ثمناً قليلاً .. وقالوا على الله ورسله غير الحق.

بعد هذا الظلم والعناد، والإعراض والإفساد، اقتضت حكمة الله ورحمته بالبشرية أن يرسل رسولاً يهديها إلى الحق، ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذن الله.

فأرسل الكريم الرحمن جل جلاله محمداً - صلى الله عليه وسلم - رحمة للعالمين، ورسولاً إلى الناس أجمعين إلى يوم القيامة كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١٧٠)} [النساء: ١٧٠].

فلم يكن بد من تبليغ عام في ختام الرسالات، يبلغ إلى الناس كافة، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، ولم يسبق أن كانت هناك رسالة عامة، ولم يكن بد من هذ الرسالة العامة.

فكانت حقاً هذه الرسالة الكاملة رحمة للعالمين في الدنيا والآخرة كما قال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)} [الأنبياء: ١٠٧].

وأهل الأرض قاطبة، واليهود والنصارى، كل هؤلاء مدعوون إلى الإسلام، مدعوون إلى الإيمان بالله، والإيمان بهذا الرسول، ونصره وتأييده، كما أخذ

<<  <  ج: ص:  >  >>