وما هو مصير البشرية لو بقيت بدون إيمان يصلها بربها، وشريعة تستقيم بها حياتها؟.
ومن هنا كانت رحمة الله بالبشرية، ببعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس كافة، وببعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع الله الحجة على أهل الكتاب وغيرهم، فهو مبعوث إلى الناس كافة إلى يوم القيامة: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٨)} [الأعراف: ١٥٨].
إن أشد القلوب استعصاءً على الهدى والاستقامة هي القلوب التي عرفت ثم انحرفت، كاليهود المغضوب عليهم، ثم يليهم النصارى الضالون.
فالقلوب الغفل الخامة أقرب إلى الاستجابة، لأنها تفاجأ من الدعوة بجديد يهزها، وينف عنها الركام والغبار، وانبهارها بهذا الجديد الذي يطرق فطرتها أول مرة.
فأما القلوب التي نوديت من قبل، فالنداء الثاني لا تكون له جدته، ولا تكون له هزته، ولا يقع فيها الإحساس بجديته وأهميته، ومن ثم تحتاج إلى الجهد المضاعف، والصبر الطويل، وهذا ما حصل.
فلم يؤمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من اليهود والنصارى إلا القليل، بينما أسلم من الكفار والمشركين ما يزيد على مائة ألف، شهدوا معه حجة الوداع، ثم تتابع دخول الناس في دين الله أفواجاً.