للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنسان، وبدونه يسقط في أقل من رتبة الحيوان.

ثم يذكر سبحانه خلق الإنسان، وتكريمه بالصفة الإنسانية الكبرى البيان النطقي والخطي والإشاري، الذي امتاز به الانسان على غيره.

ثم يفتح صحائف الوجود الناطقة بآلاء الله ونعمه، ومظاهر رحمته، الشمس والقمر، والنجم والشجر، والسماء المرفوعة، والميزان الموضوع، والأرض وما فيها من مظاهر رحمته، وخلق الجن والإنس، ثم يعرض نعمة المشرقين والمغربين، والبحرين وعدم امتزاجهما، وعجائب ما يخرج منهما، وما يجري فيهما وعليهما من الجواري.

فإذا تم عرض هذه الصحائف الكبار، والمخلوقات العظام، عرض سبحانه مشهد فنائها جميعاً بأمره وقدرته.

ثم عرض سبحانه مشهد البقاء المطلق لله ذي الجلال والإكرام كما قال سبحانه: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (٢٧)} [الرحمن: ٢٦، ٢٧].

وفي ظل الفناء المطلق للخلائق، والبقاء المطلق لله، يجيء التهديد المروع للإنس والجن: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (٣١)} [الرحمن: ٣١].

والله جل جلاله غفور رحيم، يفرح بتوبة العبد إذا تاب إليه أعظم فرح وأكمله، ويكفر عنه سيئاته، ويوجب له محبته بالتوبة، وهو سبحانه الرحيم الذي ألهمه إياها، ووفقه لها، وأعانه عليها، وقبلها منه.

قال الله تعالى: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٩)} [المائدة: ٣٩].

ومن رحمته سبحانه أنه ملأ سماواته من ملائكته، يسبحون بحمد ربهم، ويستغفرون لأهل الأرض، واستعمل حملة العرش منهم في التسبيح بحمده سبحانه، وفي الدعاء لعباده المؤمنين، والاستغفار لذنوبهم، ووقايتهم عذاب الجحيم، والشفاعة لهم عند ربهم ليدخلهم الجنة كما قال سبحانه: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>