وكذلك دين الله الجزائي، فإنه يتضمن مجازاة المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، وكل من الأمرين محبوب للرب عزَّ وجلَّ، فإنهما عدله وفضله، وكلاهما من صفات كماله.
والله عزَّ وجلَّ يحب أسماءه وصفاته، ويحب من يحبهما، ويحب من يعمل بموجبهما.
وكل واحد من الدينين:
الأمري الشرعي، والحسابي الجزائي .. صراطه المستقيم الذي هو عليه.
فهو سبحانه على صراط مستقيم في أمره ونهيه، وفي ثوابه وعقابه كما قال هود - صلى الله عليه وسلم - عن ربه: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٦)} [هود: ٥٦].
فكل ما يقضيه الله ويقدره ويأمر به فلا يخاف العبد ظلمه ولا جوره، ولا يخرج تصرفه في عباده عن العدل والفضل.
إن أعطى سبحانه وأكرم وهدى ووفق وأسعد فبفضله ورحمته.
وإن منع وأهان وأضل وخذل وأشقى فبعدله وحكمته.
وهو سبحانه على صراط مستقيم في هذا وهذا.
ولله سبحانه حكم عظيمة في بعثه الأموات بعدما أماتهم:
منها: أن يبين الله للناس الذي اختلفوا فيه، وهذا بيان عياني تشترك فيه الخلائق كلهم، والذي في الدنيا بيان إيماني بالآخرة اختص به بعضهم.
الثانية: علم الكافر المبطل بأنه كان كاذباً، وأنه كان على باطل، فيخزيه الله بذلك أعظم خزي كما قال سبحانه: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٨) لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ (٣٩)} [النحل: ٣٨، ٣٩].