للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضله وإحسانه.

وخذل من ليس بأهل لتوفيقه وفضله، وخلى بينه وبين نفسه، ولم يرد سبحانه من نفسه أن يوفقه، فقطع عنه فضله، ولم يحرمه عدله:

إما جزاءً منه للعبد على إعراضه عنه، وإيثاره عدوه عليه في الطاعة، وتناسى ذكره وشكره، فهو أهل أن يخذله ويتخلى عنه كما قال سبحانه: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (٥٣)} [الأنعام: ٥٣].

وإما أن لا يشاء الله له الهداية ابتداء، لعلمه منه سبحانه أنه لا يعرف قدر نعمة الهداية، ولا يشكره عليها، ولا يثني عليه بها ولا يحبه، فلا يشاؤها له لعدم صلاحية محله لها ما قال سبحانه: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣)} [الأنفال: ٢٣].

فإذا قضى الله عزَّ وجلَّ على هذه النفوس بالضلال والمعصية، كان ذلك محض العدل، كما قضى على الحية والعقرب بأن تقتل، وذلك محض الإحسان والعدل، وإن كان مخلوقاً على هذه الصفة لحكمة يعلمها الله.

وبسبب الجهل، وقلة المعرفة بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله .. كثير من الخلق غير راض عن الله عزَّ وجلَّ .. معترض على أسمائه وصفاته .. وعلى دينه وشرعه .. وعلى قضائه وقدره.

حتى قال بعضهم: أرأيت إن منعني الله الهدى، وقضى علي بالردى، أحسن إلي أم أساء؟.

فهذا وأمثاله يقال له: إن منعك الله ما هو لك فقد ظلم وأساء، وإن منعك ما هو له فهو يختص برحمته من يشاء، وأعلم بمن يصلح لكرامته.

ويهون الرضا بما يقضيه الله من المصائب علم العبد بأن تدبير الله خير من تدبيره، والرضا بالألم لما يتوقع من جزيل الثواب المدخر .. والرضا به لا لحظ وراءه، بل لكونه مراد المحبوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>