الذل، ولا الذل مكان العز، ولا يضع العطاء موضع الحرمان، ولا الحرمان موضع العطاء، ولا الإنعام مكان الانتقام، ولا الانتقام مكان الإنعام.
ولا يأمر بما ينبغي النهي عنه، ولا ينهى عما ينبغي الأمر به، فهو أعلم حيث يجعل رسالته، وأعلم بمن يصلح لقبولها، ويشكره على وصولها، وأعلم بمن لا يصلح لذلك: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (٥٣)} [الأنعام: ٥٣].
وهو أحكم من أن يمنعها أهلها، أو أن يضعها عند غير أهلها.
فلو قدر عدم الأسباب المكروهة البغيضة له لتعطلت هذه الآثار، ولم تظهر لخلقه.
ولتعطلت تلك الحكم والمصالح المترتبة عليها، وفواتها شر من حصول تلك الأسباب.
وهذا كالشمس والمطر والرياح، فهذه فيها من المصالح ما هو أضعاف أضعاف ما يحصل بها من الشر والضرر.
ومنها: حصول العبودية المتنوعة التي لولا خلق إبليس لما حصلت، فإن الله يحب عبودية الجهاد، ولو كان الناس كلهم مؤمنين، لتعطلت هذه العبودية وتوابعها، من الموالاة في الله والمعاداة فيه، وعبودية الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وعبودية الصبر ومخالفة الهوى.
ومنها: عبودية التوبة والاستغفار، فهو سبحانه يحب التوابين، ولو عطلت الأسباب التي يتاب منها لتعطلت عبودية التوبة والاستغفار منها.
ومنها: أن يتعبد لله بالاستعاذة من عدوه، وسؤاله أن يجيره منه، ويعصمه من كيده.
ومنها: عبودية مخالفة عدوه الشيطان، ومراغمته في الله، وإغاظته فيه، وهي من أحب العبودية إليه، فإنه سبحانه يحب من وليه أن يغيظ عدوه ويراغمه.
ومنها: أن عبيده سبحانه يشتد خوفهم وحذرهم إذا رأوا ما حل بعدوه، لما خالف أمر ربه بطرده ولعنه، فيلزمون طاعة ربهم ولا يعصونه.