فله مشيئة والله خالق مشيئته، وله قدره والله خالق قدرته، وهو مصل صائم والله خالقه وخالق أفعاله.
والعبد الحي يؤمر وينهى، ويحمد ويذم على أفعاله الاختيارية، وهو الفاعل لهذه الأفعال والمتصف بها، وله عليها قدرة، وهو فاعلها باختياره ومشيئته، وذلك كله مخلوق لله، فهي فعل العبد كسباً وهي مفعولة للرب كغيرها.
فالله وحده هو الذي له الخلق والأمر، وما سواه مخلوق مربوب.
فهو سبحانه الذي جعل الأبيض أبيضَ، والأسود أسودَ، والساكن ساكناً، والمتحرك متحركاً، والذكر ذكراً، والأنثى أنثى، والحلو حلواً، والمرَّ مراً.
وهو سبحانه الذي جعل المسلم مسلماً، والمطيع طائعاً، والمصلي مصلياً، كما قال سبحانه: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (٢٤)} [السجدة: ٢٤].
وهو سبحانه الذي جعل الكافر كافراً والعاصي عاصياً كما قال سبحانه عن آل فرعون: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ (٤١)} [القصص: ٤١].
وكون الله خالقاً للعبد وفعله لا يمنع أن يكون العبد هو المأمور المنهي كما قال سبحانه: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٢٨)} [البقرة: ١٢٨].
والله تبارك وتعالى حكيم عليم، له الخلق والأمر، وهو على كل شيء قدير، يفعل ما يشاء بحكمته، يعطي ويمنع .. ويهدي ويضل .. ويعز ويذل .. ويسعد ويشقي .. ويعفو وينتقم.
وهو الذي جعل المسلم مسلماً، والكافر كافراً، وهذا يدعو إلى الخير، وهذا