للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للإنبات .. والدواء سبباً لذهاب الداء .. ووطء المرأة سبباً للحمل .. والنار سبباً للإحراق .. والأكل سبباً لذهاب الجوع .. والماء سبباً لذهاب العطش .. والسكين سبباً للقطع.

كما جعل سبحانه الدعاء سبباً لما يحصل للمدعو له أو المدعو عليه .. وسؤال العلماء سبباً لزوال الجهل .. وطاعة الله سبباً لرضاه .. ومعصية الله سبباً لسخطه وانتقامه.

فالأسباب المأذون فيها شرعاً والمأمور بها والمنصوص عليها لا تنكر، لكن لا نتكل عليها، فنفعلها ولا نتوكل عليها، إذ في إنكارها نقص في العقل، وفي الاتكال عليها شرك في الدين.

وكل من الاتكال عليها، والإنكار لها، منتفٍ شرعاً وعقلاً.

فالواجب الإيمان بها وفعلها، وعدم التوكل إلا على الله وحده.

كما قال سبحانه: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (٥٨)} [الفرقان: ٥٨].

ومن سنة الله أن من اعتمد على غير الله من الملك والمال والأسباب، أعطاه الله إياه، وخذله من جهته فـ: {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (٢٢)} [الإسراء: ٢٢].

ومن سنته كذلك جعل الأسباب في أيدي أعداء الله، لأن أعداء الله اعتمادهم على غير الله من الأسباب كالملك والمال والسلاح ونحوها.

ومن سنته كذلك إعطاء الفقر والمسكنة لأنبياء الله وأتباعهم، لأن اعتمادهم على الله، ليس على الملك والمال والأساب كما قال سبحانه: {قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢٩)} [الملك: ٢٩].

فاعتماد المؤمنين في كل شيء على الله، واعتماد الكفار على الأسباب، والأسباب بدون الإيمان سبب للهلاك كما قال سبحانه: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>