للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جعل الله لكل شيء سبباً، فتقع الأحداث مرتبة على أسبابها، وهي في الوقت ذاته مدبرة بحسابها بلا تعارض بين هذا وهذا، فلكل حادث سبب، ووراء كل سبب تدبير من اللطيف الخبير.

وقد خلق الله الأسباب لحكم عظيمة، ومنافع ومصالح للعباد.

وقد ابتلى الله عباده بالأسباب، وجعل لها ثلاثة أحوال:

الأول: أن الله سبحانه خلق أسباب الحلال وأسباب الحرام، فيستطيع الإنسان أن يكسب المال بالحرام عن طريق الربا والغش، والكذب والسرقة، وبيع المحرمات كالخمر والخنزير والصور ونحوهما.

ويستطيع أن يكسب المال بالحلال حسب أمر الله بالبيع والشراء والإجارة ونحو ذلك.

لكن الشيطان يخدع الإنسان ويقول له بكسب الحرام يزداد رزقك، وبكسب الحلال يقل رزقك، لكن الله يجعل البركة في القليل، ويجعل في القلوب السكينة.

وبكسب الحرام تخرج الطمأنينة من القلب، وترفع البركة والرحمة: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦٨)} [البقرة: ٢٦٨].

الثاني: أن الله عزَّ وجلَّ أحياناً يقلل الرزق وأحياناً يزيده كما قال سبحانه: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (٢٣)} [الحديد: ٢٣].

فلا تحزنوا عند فقد المال، ولا تتكبروا وتبطروا عند كثرته، فالأرزاق بيد الله، وما كان ربك نسياً، فاستقيموا على أمر الله زاد الرزق أو نقص.

الثالث: أن الله أحياناً يأمرنا بفعل الأسباب وأحياناً يأمرنا بترك الأسباب فإذا جاء الأمر من الله بفعل الأسباب نستجيب فوراً ونفعل الأسباب.

وإذا جاء الأمر من الله بترك الأسباب، نترك الأسباب طاعةً لله وثقة به، وامتثالاً

<<  <  ج: ص:  >  >>