للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرزق، وخالق المرزوق، وخالق السبب الموصل إلى الرزق: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٠٢)} [الأنعام: ١٠٢].

والاستعانة بالله في كل عمل استعانة بالقادر الذي لا يعجزه شيء، ورد الفعل إلى الفاعل الذي بيده كل شيء.

فالأسباب تعمل بأمر الله، ونسبة العمل إلى الأسباب وحدها تبعدنا عن الله سبحانه.

فالله مالكها، ومالك الكون كله، وهي لا تخرج عن تدبيره وأمره.

ولقد مكن الله بعض خلقه من الأسباب الظاهرة في الأرض، فهذا رئيس دولة .. وهذا ميسر له أسباب النفوذ والسلطان .. وهذا ميسر له أسباب المال، وجعل الله العطاء ظاهراً فقط من هذه الأسباب ليسير الكون فماذا حدث؟.

لقد ظن أكثر الناس أن عطاء الأسباب في يد هؤلاء وحدهم، وأن مخالفتهم ستؤدي إلى الحرمان من مقومات الحياة، وأن طاعتهم ولو في معصية الله ستعطي الإنسان الحياة الرغدة التي يتمناها، فماذا حصل؟.

لقد وقف الناس بأبوابهم لا يرجون إلا إياهم، ولا يخافون إلا منهم، وازدحم الناس على باب العبد الفقير، أما باب الملك الغني القوي العزيز فقلما يقف عليه أحد، وهذه خطورة الأخذ بالأسباب وحدها.

وهي خطورة تعرض الكون كله للاختلال والفساد، وتكثر من البغي في الأرض، والشرك بالله، والإعراض عنه، والاعتماد على غيره.

فالأسباب نؤمن بها ولا نتوكل عليها، بل نباشرها ونتوكل على الله وحده.

وما من أمة عبدت الأسباب، إلا انتشر فيها الظلم، وعم فيها الإرهاب والفوضى، وضاع فيها الحق، وقام فيها سوق الباطل، واستعبد فيها الإنسان، وضل عن ربه، وحل بها البلاء والعقوبة، كما حكى الله أحوال أهل الأسباب في سورة الأعراف وهود والشعراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>