والمؤمن إذا عزت عليه الأسباب توجه إلى ربه فسأله، لأنه يعلم أنه إذا كانت الأسباب لا تعطيه، فإن الله الذي خلق كل شيء، وبيده كل شيء قادر أن يعطيه بدون الأسباب، وينجيه كما أنجى يونس في الظلمات حين ناداه: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (٨٨)} [الأنبياء: ٨٧، ٨٨].
وكما طلب زكريا الولد مع كبر سنه وسن زوجته فاستجاب الله له كما قال سبحانه: {يَازَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (٧) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (٨) قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (٩)} [مريم: ٧ - ٩].
ولكل مؤمن حظ من الاستفادة من قدرة الله فإن الله لا يعجزه شيء، والمؤمن لا ييأس كما أمره الله بقوله: {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (٨٧)} [يوسف: ٨٧].
فحين تضيق الأسباب بالناس، وتغلق الدنيا أبوابها أمامهم، الكافر وغير المؤمن بالله يصيبه يأس قاتل ينتهي به إما إلى الجنون أو الانتحار.
أما المؤمن بقضاء الله وقدره فيظل ثابتاً لا تزعزعه الأحداث، ويتوجه إلى ربه وهو مؤمن بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن الله سيجعل له بعد العسر يسراً، ويجعل له بعد الكرب فرجاً ومخرجاً: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (٣)} [الطلاق: ٢، ٣].
اللهم علمنا ما ينفعنا .. وانفعنا بما علمتنا .. إنك أنت العليم الحكيم.