وكذلك المصائب تكون على المؤمنين والمطيعين برضا الله تعالى ابتلاءً وامتحاناً، وتكفيراً للسيئات، ورفعة في الدرجات.
والمصائب على الكفار تكون من غضب الله تعالى وبعدها الهلاك، وهي لازمة لهم، لا تنفك عنهم حتى يأتي وعد الله كما قال سبحانه: {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (٣١)} [الرعد: ٣١].
والنعمة لأهل الإيمان والطاعات كالطعام الذي يوضع في قفص البلابل.
والنعمة لأهل الكفر والمعاصي كالطعام في قفص الفئران، ليست بسبب الرضا، بل للبطش والهلاك كما قال سبحانه: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤)} [الأنعام: ٤٤].
فالنعمة الأولى تقدم بالفرح والسرور، ثواباً وإكراماً لأهل الإيمان والطاعة كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (١٠٧)} [الكهف: ١٠٧].
والنعمة الثانية تقدم بالغضب والبطش كما قال سبحانه: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (٥٥)} [التوبة: ٥٥].
والمصيبة على الكفار والعصاة كالسكين بيد الغضبان، والمصيبة على أهل الإيمان والطاعات كالسكين للعملية الجراحية.
فالسكين بالغضب يكون بها الموت، والسكين بالرضا يكون بعدها الشفاء.