للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكل نعمة في الدنيا والآخرة فهي منَّة يمنّ بها الله على من أنعم عليه، ودخول الجنة برحمة الله وفضله، وذلك محض منَّته على أهل طاعته.

فهو سبحانه المانّ بإرسال رسله .. وإنزال كتبه .. والتوفيق لطاعته .. والإعانة عليها .. والمانّ بالجزاء عليها .. فلا يدخل أحد الجنة بعمله .. وإنما برحمة الله وفضله .. ولكن الأعمال سبب .. وهو المانّ سبحانه برفعة الدرجات .. ومضاعفة الحسنات .. وتكفير السيئات .. وهو المانّ بكل نعمة .. وبكل رحمة .. وبكل إحسان .. وبكل هداية .. ولا منَّة لأحد على الله .. بل لله المنَّة على خلقه بنعمه التي لا تعد ولا تحصى كما قال سبحانه: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٧)} [الحجرات: ١٧].

وإنعام الله على عباده يتضمن:

إنعامه بكل ما يحتاجونه في حياتهم من طعام وشراب ومال ونحو ذلك.

وإنعامه بالهداية التي هي الإيمان، والعلم النافع، والعمل الصالح.

وإنعامه بحسن الثواب والجزاء يوم القيامة، فهذا تمام النعمة كما قال سبحانه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣].

والنعمة نعمتان:

نعمة مطلقة .. ونعمة مقيدة.

فالنعمة المطلقة هي المتصلة بسعادة الأبد وهي الإسلام، وهي خاصة بالمؤمنين، وهي معروضة على سائر البشر، وحق لهم جميعاً.

فمنهم من قبلها وهم المؤمنون فأورثهم سعادة الأبد.

ومنهم من ردها وبدلها فأورثهم ذلك شقاوة الأبد، وهؤلاء بمنزلة من أعطي مالاً ليعيش به فرماه في البحر، فأعقبه فعله الندامة والخسران والهلاك.

فما أعجب حال هؤلاء، وما أشد عقوبتهم إذا قدموا على ربهم: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>