للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحبة، وسيتلذذ بها بشكلين من اللذة:

الأولى: المحبة التي تعود إلى أصل الجوهرة من حيث جمالها وحجمها وقيمتها، والتلذذ بحسنها، وهي لذة جزئية إلى زوال.

الثانية: محبة للتكرمة السلطانية التي ظهرت بالجوهرة، فهي ثناء مجسم من السلطان.

وهكذا الإنسان إذا وجه محبته إلى النعم والأموال بالذات، فتلك محبة نفسانية زائلة مؤلمة، أما إذا كانت المحبة متوجهة إلى جهة التكرمة الربانية له، فهي شكر معنوي، ولذة تورث أكمل سعادة.

وإذا أنعم الله على إنسان بنعمة حفظها عليه، ولا يغيرها الله عليه حتى يكون هو الساعي في تغييرها عن نفسه فـ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: ١١].

وكل من زالت عنهم النعم من الأمم الماضية إنما هو بسبب مخالفة أمر الله ومعصية رسله: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٥٣)} [الأنفال: ٥٣].

فما حفظت نعمة الله بشيء مثل طاعته .. ولا حصلت فيها الزيادة بمثل شكره .. ولا زالت عن العبد بمثل معصيته لربه .. فالمعاصي نار النعم التي تعمل فيها كما تعمل النار في الحطب اليابس.

والله عزَّ وجلَّ هو الرزاق الذي يرزق المخلوقات جميعاً، وما من مؤمن ولا فاجر إلا وقد كتب الله تعالى له رزقه من الحلال، فإن صبر حتى يأتيه، وطلبه بوجوه الحلال آتاه إياه حلالاً.

وإن جزع فتناول شيئاً من الحرام، نقصه الله من رزقه الحلال.

والله على كل شيء قدير وهو العليم الحكيم .. قسم جميع أرزاق الخلائق .. وجميع الدواب .. وجميع ما في البر والبحر من الحيوانات والدواب .. والحشرات والطيور .. والإنس والجن .. وغيرهم مما لا يعلمه إلا الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>