على مُحَمَّد بن عبد الله النَّفس الزكية فَبَايعُوا لَهُ بالخلافة وسلموا لَهُ الْأَمر بأجمعهم وَحضر هَذَا العقد أَبُو جَعْفَر عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس وَهُوَ الْمَنْصُور وَذَلِكَ قبل أَن تنْتَقل الْخلَافَة إِلَى بني الْعَبَّاس فَبَايع للنَّفس الزكية فِيمَن بَايع لَهُ من أهل الْبَيْت وَأَجْمعُوا على ذَلِك لتقدمه فيهم لما علمُوا لَهُ من الْفضل عَلَيْهِم
قَالَ ابْن خلدون وَلِهَذَا كَانَ مَالك وَأَبُو حنيفَة رحمهمَا الله يحتجان لَهُ حِين خرج بالحجاز ويريان أَن إِمَامَته أصح من إِمَامَة أبي جَعْفَر الْمَنْصُور لانعقاد هَذِه الْبيعَة أَولا وَكَانَ أَبُو حنيفَة يَقُول بفضله ويحتج لحقه فتأدت إِلَى الْإِمَامَيْنِ المحنة بِسَبَب ذَلِك أَيَّام أبي جَعْفَر الْمَنْصُور حَتَّى ضرب مَالك رَضِي الله عَنهُ على الْفتيا فِي طَلَاق الْمُكْره وَحبس أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ على الْقَضَاء
وَلما انقرضت دولة بني أُميَّة وَجَاءَت دولة بني الْعَبَّاس وَصَارَ الْأَمر إِلَى أبي جَعْفَر الْمَنْصُور مِنْهُم سعى عِنْده بآل الْبَيْت وَأَن مُحَمَّد بن عبد الله يروم الْخُرُوج عَلَيْهِ وَأَن دعاته قد ظَهَرُوا بخراسان فَأمر الْمَنْصُور عَامله على الْمَدِينَة رَبَاح بن عُثْمَان المري بِحَبْس عبد الله بن حسن وَمن إِلَيْهِ من آل الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب فحبسه جمَاعَة من بنيه وَإِخْوَته وَبني عَمه قَالَ ابْن خلدون فِي خَمْسَة وَأَرْبَعين من أكابرهم وَقدم الْمَنْصُور الْمَدِينَة فِي حجَّة حَجهَا فساقهم مَعَه إِلَى الْعرَاق وحبسهم بقصر ابْن هُبَيْرَة من ظَاهر الْكُوفَة حَتَّى هَلَكُوا فِي حَبسهم وجد الْمَنْصُور فِي طلب مُحَمَّد بن عبد الله النَّفس الزكية وأخيه إِبْرَاهِيم لِكَوْنِهِمَا تغيبا فَلم يحبسا فِي جملَة من حبس من عشيرتهم
ثمَّ لما كَانَت سنة خمس واربعين وَمِائَة وأرهق مُحَمَّد بن عبد الله الطّلب وأعيت عَلَيْهِ الْمذَاهب ظهر بِالْمَدِينَةِ المنورة ودعا النَّاس إِلَى بيعَته فَبَايعُوهُ
واستفتى أهل الْمَدِينَة الإِمَام مَالِكًا رَضِي الله عَنهُ فِي الْخُرُوج مَعَ مُحَمَّد بن عبد الله وَقَالُوا فِي أعناقنا بيعَة للمنصور فَقَالَ إِنَّمَا بايعتم