بعد عشْرين مرحلة فَتَلقاهُمْ أَهلهَا ودهشوا لرؤية العساكر وَقد طلبت ولبست السِّلَاح وهموا بالفرار. فَنُوديَ فيهم بالأمان وَألا يتَعَرَّض أحد من الْعَسْكَر لشَيْء إِلَّا بِثمنِهِ فاطمأنوا وحملوا إِلَى كل من بيبرس وطينال مقدمي الألوف مائَة رَأس من الْغنم وَخَمْسمِائة أردب أذرة فرداها وَلم يقبلا لأحد شَيْئا. ورحل الْعَسْكَر بعد ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْعشْرين مِنْهُ. فَقدمت الْأَخْبَار باجتماع رَأْي أهل زبيد على الدُّخُول فِي طَاعَة الْملك الْمُجَاهِد خوفًا من معرة قدوم الْعَسْكَر الْمصْرِيّ وَأَنَّهُمْ ثَارُوا بالمتملك عَلَيْهِم وَهُوَ الْملك الظَّاهِر ونهبوا أَمْوَاله ففر عَنْهُم وَكَتَبُوا إِلَى الْمُجَاهِد بذلك فقوي وَنزل من قلعة تعز يُرِيد زبيد. فَكتب أُمَرَاء الْعَسْكَر الْمصْرِيّ إِلَيْهِ وهم قرب حُدُود الْيمن بِأَن يكون على أهبة اللِّقَاء. وَنزل الْعَسْكَر على زبيد ووافاهم الْمُجَاهِد بجنده فَسخرَ مِنْهُم النَّاس من أجل أَنهم عُرَاة وسلاحهم الجريد والخشب وَسُيُوفهمْ مشدودة على أذرعتهم ويقاد للأمير فرس وَاحِد مجلل وعَلى رَأس الْمُجَاهِد عِصَابَة ملونة فَوق الْعِمَامَة. وعندما عاين الْمُجَاهِد العساكر المصرية وَهِي لابسة ألة الْحَرْب رعب وهم أَن يترجل عَن فرسه حَتَّى مَنعه الأميران بيبرس وآقول من ذَلِك. وَمضى الْعَسْكَر صفّين والأمراء فِي الْوسط حَتَّى قربوا مِنْهُ فَألْقى الْمُجَاهِد نَفسه وَمن مَعَه إِلَى الأَرْض وترجل لَهُ أَيْضا الْأُمَرَاء وأكرموه وأركبوه فِي الْوسط وَسَارُوا إِلَى المخيم وألبسوه تَشْرِيفًا سلطانياً وكلفتاه زركش وحياصة ذهب. وَركب الْمُجَاهِد والأمراء فِي خدمته بالعساكر إِلَى دَاخل زبيد ففرح أَهلهَا فَرحا شَدِيدا. وَمد الْمُجَاهِد لَهُم سماطاً جَلِيلًا فَامْتنعَ الْأُمَرَاء والعسكر من أكله خوفًا من أَن يكون فِيهِ مَا يخَاف عاقبته وَاعْتَذَرُوا إِلَيْهِ بِأَن هَذَا لَا يَكْفِي الْعَسْكَر وَلَكِن فِي غَد يعْمل السماط. فأحضر الْمُجَاهِد إِلَيْهِم مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ وَتَوَلَّى طباخو الْأُمَرَاء عمل السماط. وَحضر الْمُجَاهِد وامراؤه وَقد مد السماط بَين يَدي كرْسِي جلس عَلَيْهِ الْمُجَاهِد ووقف السقاة والنقباء والحجاب والجاشنكيرية على الْعَادة ووقف الْأَمِير بيبرس رَأس الميمنة والأمير طينال رَأس الميسرة. فَلَمَّا فرغ السماط صاحت الشاويشية على أُمَرَاء الْمُجَاهِد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute