وَأهل دولته فأحضروهم وَقُرِئَ كتاب السُّلْطَان فباسوا بأجمعهم الأَرْض وَقَالُوا سمعا وَطَاعَة وَكتب الْأَمِير بيبرس لممالك أليمن وَلم يُجهز الْملك الْمُجَاهِد للعسكر شَيْئا من الإقامات وعنفه الْأَمِير بيبرس على ذَلِك فَاعْتَذر بخراب الْبِلَاد وَكتب لَهُم على الْبِلَاد بِغنم وأذرة فَتوجه إِلَيْهَا قصاد الْأُمَرَاء. وَسَار الْمُجَاهِد إِلَى تعز لتجهيز الإقامات وَمَعَهُ الأميران سيف الدّين ططر العفيفي السِّلَاح الدَّار وَسيف الدّين قجمار فِي مِائَتي فَارس وَتَأَخر الْعَسْكَر بزبيد وعادت قصاد الْأُمَرَاء بِغَيْر شَيْء فَرَحل الْعَسْكَر من زبيد فِي نصف رَجَب يُرِيدُونَ تعز فَتَلقاهُمْ الْمُجَاهِد ونزلوا خَارج الْبَلَد وَشَكوا مَا هم فِيهِ من قلَّة الإقامات فوعد بِخَير. وَكتب الْأُمَرَاء إِلَى الْملك الظَّاهِر الْمُقِيم بدملوة وبعثوا إِلَيْهِ الشريف عطفة أَمِير مَكَّة وَعز الدّين الكوندكي وَكتب إِلَيْهِ الْمُجَاهِد أَيْضا يحثه على الطَّاعَة. وَأقَام الْعَسْكَر فِي جهد فَأَغَارُوا على الضّيَاع وَأخذُوا مَا قدرُوا عَلَيْهِ فارتفع سعر الأذرة من ثَلَاثِينَ درهما الأردب إِلَى تسعين وفقد الْأكل إِلَّا من الْفَاكِهَة فَقَط لقلَّة الجلب واتهم أَن ذَلِك بمواطأة الْمُجَاهِد خوفًا من الْعَسْكَر أَن يملك مِنْهُ الْبِلَاد. ثمَّ إِن أهل جبل صَبر قطعُوا المَاء عَن الْعَسْكَر وتخطفوا الْجمال والغلمان. وَزَاد أَمرهم إِلَى أَن ركب الْعَسْكَر فِي طَلَبهمْ فامتنعوا بِالْجَبَلِ ورموا بالمقاليع على الْعَسْكَر فَرَمَوْهُمْ بالنشاب. وأتاهم الْمُجَاهِد فخذلهم عَن الصعُود إِلَى الْجَبَل فَلم يعبأوا بِكَلَامِهِ ونازلوا الْجَبَل يومهم ففقد من الْعَسْكَر ثَمَانِيَة من الغلمان وَبَات الْعَسْكَر تَحْتَهُ. فَبلغ بيبرس أَن الْمُجَاهِد قرر مَعَ أَصْحَابه بِأَن الْعَسْكَر إِذا صعد الْجَبَل يضرمون النَّار فِي الوطاق وينهبون مَا فِيهِ فبادر بيبرس وَقبض على بهاء الدّين بهادر الصقري وَأخذ موجوده ووسطه قطعتين وعلقه على الطَّرِيق ففرح أهل تعز بمتله وَكَانَ بهادر قد تغلب على زبيد وَتسَمى بالسلطنة وتلقب بِالْملكِ الْكَامِل وظل متسلطاً عَلَيْهَا حَتَّى طرده أَهلهَا عِنْد قدوم الْعَسْكَر. وَقدم الشريف عطفة والكوندكي من عِنْد الْملك الظَّاهِر صَاحب دملوة وأخبرا بِأَنَّهُ فِي طَاعَة السُّلْطَان. وَطلب بيبرس من الْمُجَاهِد مَا وعد بِهِ السُّلْطَان فَأجَاب بِأَنَّهُ لَا قدرَة لَهُ إِلَّا بِمَا فِي دملوة فَأشْهد عَلَيْهِ بيبرس قُضَاة تعز بذلك وَأَنه أذن للعسكر فِي الْعود لخراب الْبِلَاد وعجزه عَمَّا يقوم بِهِ للسُّلْطَان وَأَنه امْتنع بقلعة تعز. ورحل الْعَسْكَر إِلَى حلي بني يعفوب فَقَدمهَا فِي تَاسِع شعْبَان. ورحلوا مِنْهَا أول
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute