وَفِيه قدم بازان رَسُول جوبان حَاكم بِلَاد أبي سعيد وجوبان هُوَ الَّذِي أجْرى الْعين من عَرَفَة إِلَى مَكَّة. فَلَمَّا قدم إِلَى مصر وَاجْتمعَ بالسلطان وعرفه خبر الْعين شقّ عَلَيْهِ ذَلِك وَقَالَ لَهُ على أَن النَّائِب: من أذن لَك فِي هَذَا وَلم لَا شاورتني فَقَالَ بازان للنائبء عرف السُّلْطَان أَن جوبان فعل مَا فعل من الْخَبَر وَبَقِي الْأَمر للسُّلْطَان إِن شَاءَ يخرب أَو يعمر فَهَذَا شَيْء قد فعله من فعله وَخرج عَنهُ وَالْأَمر إِلَيْكُم فَلَمَّا بلع النَّائِب قَوْله السُّلْطَان سكت. وَكَانَ من خبر هَذِه الْعين أَنه لما كثر ترداد الْحَاج من الْعرَاق إِلَى مَكَّة فِي كل سنة شقّ عَلَيْهِم قلَّة المَاء بِمَكَّة فَإِن الراوية كَانَت تبلغ فِي الْمَوْسِم عشرَة دَرَاهِم مسعودية وَفِي غير الْمَوْسِم من سِتَّة دَرَاهِم إِلَى سَبْعَة. فقصد الْأَمِير جوبان حَاكم مملكة أبي سعيد عمل خير بِمَكَّة فدله بعض النَّاس على عين كَانَت تجْرِي فِي الْقَدِيم ثمَّ تعطلت فندب لذَلِك بعض ثقاته وَأَعْطَاهُ خمسين ألف دِينَار وجهزه فِي موسم سنه خمس وَعشْرين فَلَمَّا قضي حجه تَأَخّر بِمَكَّة وَشهر أمره بهَا فَأعْلم بِعَين فِي عَرَفَة فَنَادَى بِمَكَّة: من أَرَادَ الْعَمَل فِي الْعين فَلهُ ثَلَاثَة دَرَاهِم فِي كل يَوْم. فهرع إِلَيْهِ الْعمَّال وَخرج بهم إِلَى الْعَمَل فَلم يشق على أحد مِنْهُم وَلَا استحثه وَإِنَّمَا كَانُوا يعْملُونَ باختيارهم. أاتاه جمع كَبِير من الْعَرَب وَعمل حَتَّى النِّسَاء إِلَى أَن جرى المَاء بِمَكَّة بَين الصَّفَا والمروة فِي ثامن عشرى جُمَادَى الأولى من هَذِه السّنة فَكَانَت مُدَّة الْعَمَل أَرْبَعه أشهر وَكثر النَّفْع بِهَذِهِ الْعين وَصَرفه أهل مَكَّة إِلَى مزارع الخضراوات. وَفِيه قدم الْقَاهِرَة الْأُمَرَاء المجردون إِلَى برقة وَقد غَابُوا عَنْهَا ثَلَاثَة أشهر وَأَرْبَعَة أَيَّام. وَفِيه قدم الْخَبَر بِأَن الْأَمِير تنكز نَائِب الشَّام جمع الْعَامَّة بِدِمَشْق وألزمهم بإحضار الْكلاب ورميها بالخندق فأقاموا عشرَة أَيَّام فِي جمعهَا حَتَّى امْتَلَأَ الخَنْدَق بهَا وَأكل بَعْضهَا بَعْضًا. وَفِيه قدم الْخَبَر بِحُصُول سيل عَظِيم فِي الْفُرَات أعقبه مطر وَأَنه حدث وخم وفناء عَم النَّاس من الْفُرَات إِلَى دمشق فَلم تبْق مَدِينَة فِيمَا بَين ذالك حَتَّى كثر بهَا الْمَرَض وَالْمَوْت وَبَاعَ بعض عطاري دمشق فِي كل يَوْم أدوية للمرضى بِنَحْوِ الْألف دِرْهَم وأبيع قدر فِيهِ حسو شعير بِزِيَادَة على ثَلَاثِينَ درهما وَأخذ حجام فِي أُجْرَة فصد وشراطة أَذَان فِي كل يَوْم أَرْبَعمِائَة دِرْهَم فَإِنَّهُ كَانَ فصلا زموماً وَكَانَ الْمَوْت فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَرَض قَلِيل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute