للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بذلك. وَأول مَا بدأوا بِهِ أَن عبثوا بِبَعْض حَاج الْعرَاق وخطفوا شَيْئا من أَمْوَالهم. وَكَانَ الشريف عطيفة جَالِسا إِلَى جَانب الْأَمِير خَاص ترك أَمِير الركب فَصَرَخَ النَّاس بالأمير ألدمر وَلَيْسَ عِنْده علم بِمَا كتب بِهِ السُّلْطَان إِلَى الشريف عطيفة وَكَانَ مَعَ ذَلِك شجاعاً حاد المزاج قوي النَّفس فَنَهَضَ وَمَعَهُ من المماليك وَقد تزايد صُرَاخ النَّاس وأتى الشريف وسبه وَقبض بعض قواده وأخرق بِهِ فلاطفه الشريف فَلم يلن. وَاشْتَدَّ صياح النَّاس فَركب الشريف مبارك بن عطيفة فِي قواد مَكَّة بِآلَة الْحَرْب وَركب جند مصر. فبادر خَلِيل ولد الْأَمِير ألدمر وَضرب أحد العبيد فَرَمَاهُ العَبْد بِحَرْبَة قَتله فَاشْتَدَّ حنق أَبِيه وَحمل بِنَفسِهِ لأخذ ثأر وَلَده فَقتل. وَيُقَال بل صدف الشريف مبارك بن عطيفة وَقد قصد ركب الْعرَاق وَعَلِيهِ آلَة حربه فَقَالَ لَهُ. وَيلك تُرِيدُ أَن تثير فتْنَة وهم أَن يضْربهُ بالدبوس فَضَربهُ مبارك بِحَرْبَة كَانَت فِي يَده أنفذها من صَدره فَخر صَرِيعًا وَقتل مَعَه رجلَانِ من جماعته. فَركب أَمِير الركب عِنْد ذَلِك وَنَجَا بِنَفسِهِ وَرمي مبارك بن عطيفة بِسَهْم فِي يَده فشلت. واختبط النَّاس بأسرهم وَركب أهل مَكَّة سطح الْحرم ورموا أَمِير أَحْمد ابْن خَالَة السُّلْطَان وَمن مَعَه بِالْحِجَارَةِ وَقد أفرغ نشابه بَين يَدَيْهِ هُوَ وَمن مَعَه وَرمي بهَا حَتَّى خلص أَيْضا وفر أَمِير ركب الْعرَاق وتحير الشريف عطيفة فِي أمره ومازال يُدَارِي الْأَمر حَتَّى خرج الْحَاج بأجمعهم من مَكَّة وتوجهوا إِلَى بِلَادهمْ. وَكَانَ من غَرِيب الِاتِّفَاق أَن فِي يَوْم الْجُمُعَة الَّذِي قتل فِيهِ ألدمر كَأَنَّمَا نُودي فِي الْقَاهِرَة ومصر وقلعة الْجَبَل بقتل ألدمر فِي فتْنَة كَانَت بِمَكَّة فِي هَذَا الْيَوْم وتحدث النَّاس بذلك حَدِيثا فاشياً إِلَى أَن بلغ السُّلْطَان وأمراء الدولة. فَلم يعبأوا بِهِ وجعلوه من ترهات الْعَامَّة. وَأغْرب من ذَلِك أَن الْأَمِير علم الدّين سنجر كَانَ كاشفاً بالغربية من نواحي الْقَاهِرَة فَلَمَّا عَاد منزله بعد صَلَاة عيد الْأَضْحَى وافاه أحد غلمانه وَقد حضر اإيه من الْقَاهِرَة فَأخْبرهُ أَنه أشيع بِالْقَاهِرَةِ أَن فتْنَة كَانَت بِمَكَّة قتل فِيهَا الْأَمِير ألدمر أَمِير جندار فَسخرَ من قَوْله وَقَالَ: هَذَا كَلَام لَا يقبله عَاقل وَأخذ الْخَبَر ينتشي حَتَّى تحدث بِهِ كل أحد. وَاتفقَ فِي هَذِه السّنة أَنه وصل صُحْبَة حَاج الْعرَاق فيل من جِهَة الْملك أبي سعيد يحمل محملهم فتشاءم النَّاس بِهِ وَقَالُوا: هَذَا عَام الْفِيل فَكَانَ من الْفِتْنَة بِمَكَّة وَقتل

<<  <  ج: ص:  >  >>