للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَن السُّلْطَان كَانَ يحرص على قدومه إِلَيْهِ ويبذل لأولاده الْأَمْوَال الْعَظِيمَة فيرغبونه فِي الْقدوم على السُّلْطَان وَهُوَ يَأْتِي ذَلِك عَلَيْهِم. فَكَانَ إِذا أعيا السُّلْطَان أمره طرده من الْبِلَاد حَتَّى طرده أَربع مَرَّات وَكَانَت تجرد لَهُ العساكر فتخرجه ثمَّ تحضر أَوْلَاده وَتصْلح أمره فَيَعُود إِلَى الْبِلَاد ثمَّ يَأْخُذ السُّلْطَان فِي استجلابه فَلَا يَأْتِي لَهُ. فَيَعُود إِلَى إِخْرَاجه وَكَانَ السُّلْطَان يبْعَث فِي طلب الْخُيُول مِنْهُ فيرسلها إِلَى السُّلْطَان فَتحمل إِلَيْهِ أثمانها بِزِيَادَة كَثِيرَة وَمَا زَالَ أمره على هَذَا الْحَال إِلَى أَن قدم مُوسَى وَأحمد وفياض أَوْلَاده إِلَى الْقَاهِرَة وَبَالغ السُّلْطَان فِي الإنعام عَلَيْهِم فَحَلَفُوا لَهُ على إِحْضَار أَبِيهِم إِلَيْهِ. فَلَمَّا أَتَوا أباهم اجْتَمعُوا عَلَيْهِ مَعَ عمومتهم وأرادوه على الْحُضُور إِلَى السُّلْطَان بجهدهم فَلم يوافقهم فكاتبوا السُّلْطَان بأمرهم مَعَه فَكتب السُّلْطَان إِلَى نَائِب حلب بِإِخْرَاجِهِ من الْبِلَاد فَسَار مهنا إِلَى أبي سعيد بالعراق فَأكْرمه وأجله عِنْد قدومه فتعمد وزيره مَعَ الْمجد السلَامِي عَلَيْهِ حَتَّى فَارق بِلَادهمْ رِعَايَة لخاطر السُّلْطَان وكتبا بذلك إِلَى السُّلْطَان فسره ذَلِك وَلما عَاد مهنا من الْعرَاق تَلقاهُ ابْنه مُوسَى فَوجدَ أَنه قد أزمع أمره على الْقدوم على السُّلْطَان فَلم يشْعر الْأَمِير تنكز نَائِب الشَّام إِلَّا ومهنا قد قدم عَلَيْهِ هُوَ وَالْملك الْأَفْضَل مُحَمَّد صَاحب حماة فَركب إِلَى لِقَائِه وأنزله بِالْقصرِ الأبلق. وَقدم البريدي إِلَى السُّلْطَان بِخَبَر قدومه فكاد يطير فَرحا بِهِ. ثمَّ أركبه الْأَمِير تنكز وَالْملك الْأَفْضَل خيل الْبَرِيد وسيرهما إِلَى السُّلْطَان. فَحملت للأمير مهنا الإقامات وجنبت لَهُ الْخُيُول وَضربت لَهُ الخيم وَخرج أَمِير: اندار والمهمندار إِلَى لِقَائِه وَركب الْأَمِير بشتاك لَهُ إِلَى قبَّة النَّصْر خَارج الْقَاهِرَة وَسَار بِهِ إِلَى بَاب السِّرّ من القلعة فَإِذا الْأَمِير قوصون قد وقف بِهِ فِي انْتِظَاره فَأخذ بِيَدِهِ حَتَّى عبر إِلَى السُّلْطَان فَرَحَّبَ بِهِ السُّلْطَان وأكرمه وعتبه على فراره مِنْهُ فَاعْتَذر مهنا وَذكر أَن قدومه بِسَبَب رُؤْيَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَنَامه وَأمره لَهُ بالقدوم. فسر السُّلْطَان بذلك وخلع عَلَيْهِ وعَلى

<<  <  ج: ص:  >  >>