للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كَانَ مِنْهُ للتجار والعامه وعوضهم عَنهُ بضائع وَحمل ذَلِك كُله للسُّلْطَان. وانحصر ذهب مصر بأجمعه فِي دَار الضَّرْب فَلم يَجْسُر أحد على بيع شَيْء مِنْهُ فِي الصاغة وَلَا غَيرهَا. ثمَّ إِن السُّلْطَان استدعى مِنْهُ بِعشْرَة أُلَّاف دِينَار فَاعْتَذر عَنْهَا فَلم يقبل عذره ونهره فَنزل النشو وألزم أَمِين الحكم بِكِتَابَة مَا تَحت يَده من مَال الْأَيْتَام وَطلب مِنْهُ عشرَة أُلَّاف دِينَار قرضا فِي ذمَّته فدله على مبلغ أَرْبَعمِائَة ألف دِرْهَم لأيتام الدواداري تَحت ختم بهاء الدّين شَاهد الْجمال فَأَخذهَا مِنْهُ وعوضه عَنْهَا بضائع. ثمَّ بعث النشو إِلَى قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين مُحَمَّد بن أبي بكر بن عِيسَى الإخنائي الْمَالِكِي فِي تَمْكِينه من مَال أَوْلَاد الْأَمِير أرغون النَّائِب وَهُوَ سِتَّة أُلَّاف دِينَار وَكَانُوا تَحت حجره فَامْتنعَ وَقَالَ: السُّلْطَان مَا يجل لَهُ أَخذ مَال الْأَيْتَام فَرد عَلَيْهِ: بِأَن السُّلْطَان إِنَّمَا يطْلب المَال الَّذِي سَرقه أَخُوك من خزانَة الْخَاص حَيْثُ كَانَ ناظرها فَإِن الْحساب يشْهد عَليّ بِمَا سَرقه من الخزانة وَقَامَ فِي فورة إِلَى السُّلْطَان ومازال بِهِ حَتَّى بعث إِلَى القَاضِي يلْزمه يحمل المَال الَّذِي سَرقه أَخُوهُ من الخزانة وَيَقُول لَهُ: أَنْت إيش كنت من مملوكي فَلم يجد قَاضِي الْقُضَاة بدا من تَمْكِين النشو من أَخذ المَال. وفيهَا أَمر السُّلْطَان أَيْضا بتَشْديد الْعقُوبَة على أَوْلَاد التَّاج إِسْحَاق وألزامهم. وفيهَا تحركت أسعار الغلال من نصف جُمَادَى الْآخِرَة وارتفع الْقَمْح من خَمْسَة عشر درهما الأردب إِلَى عشْرين درهما ثمَّ إِلَى ثَلَاثِينَ درهما فوقفت أَحْوَال النَّاس. وارتفع الْقَمْح إِلَى أَرْبَعِينَ درهما فَأمْسك الْأُمَرَاء وَغَيرهم من البيع طلبا للفائدة فخاف السُّلْطَان عَاقِبَة ذَلِك فَطلب نجم الدّين مُحَمَّد بن حُسَيْن بن على الأسعردي الْمُحْتَسب وَقد بلغ الأردب خمسين درهما وَأنكر عَلَيْهِ وَأقَام مَعَه وَالِي الْقَاهِرَة عَلَاء الدّين عَليّ بن حسن المرواني وَكَانَ ظَالِما غشوماً. فَضرب الْوَالِي عدَّة من الطحانين والخبازين بالمقارع فَاشْتَدَّ الْأَمر وغلقت الحوانيت بِالْقَاهِرَةِ ومصر وَتعذر شِرَاء الْخبز إِلَّا بِمَشَقَّة عَظِيمَة. فَكتب السُّلْطَان بِحمْل الغلال من غَزَّة والكرك والشوبك وبلاد دمشق وَألا يتْرك بهَا غلَّة مخزونة حَتَّى تحمل إِلَى الْقَاهِرَة. وَنُودِيَ بِالْقَاهِرَةِ ومصر أَلا يُبَاع الْقَمْح بِأَكْثَرَ من ثَلَاثِينَ درهما الأردب وَمن بَاعَ بِأَكْثَرَ من ثَلَاثِينَ نهب مَاله وَتقدم السُّلْطَان إِلَى الْأُمَرَاء بألا يخالفوا ذَلِك. فَأمْسك مباشرو الْأُمَرَاء أَيْديهم عَن البيع وصاروا يَجْلِسُونَ بِأَبْوَاب الشون وَلَا يبيعون مِنْهَا شَيْئا فَاشْتَدَّ الْأَمر. وَبَاعَ السماسرة الأردب بستين وبسبعين خُفْيَة وَصَارَ الْأُمَرَاء يخرجُون الْغلَّة من الشون على أَنَّهَا جراية لمخاديمهم وَمَا هِيَ إِلَّا مَبِيع بِمَا ذكر. فاهتم السُّلْطَان بالغلاء وشق عَلَيْهِ مَا بِالنَّاسِ من ذَلِك وَعلم أَن أَكثر الغلال إِنَّمَا هِيَ لِلْأُمَرَاءِ فَطلب ضِيَاء الدّين يُوسُف أبي بكر بن مُحَمَّد الشهير بالضياء ابْن خطيب

<<  <  ج: ص:  >  >>