وَكَانَ قد بلغ السُّلْطَان أَن الأجناد عِنْدهم غلال وهم يبيعونها بالويبة فَبَاعَ بَعضهم بعد النداء وتهاون طَائِفَة مِنْهُم فَلم يبيعوا شَيْئا. فنم عَلَيْهِم جيرانهم حَتَّى كَانَ مِنْهُم من تهجم السوقة الحرافيش عَلَيْهِ وتنهبه وَمِنْهُم من يغمز عَلَيْهِ فيأتيه الْوَالِي وَيخرج غَلَّته حَتَّى تفرق على الطحانين. وأقيم فِي كل فرن شَاهد لحصر مَا يحمل إِلَيْهِ من الدَّقِيق الْمُرَتّب لَهُ وَعمل معدل كِفَايَة الْبَلَد فِي كل يَوْم وَفرق الْقَمْح فيهم على قدر كفايتهم فسكن مَا كَانَ بَين النَّاس من العناء فِي طلب الْخبز وَمن ضرب الطحانين والخبازين. فَلَمَّا كَانَ فِي آخر شهر رَجَب: قدم من الشَّام أَربع أُلَّاف غرارة قَمح. ثمَّ قدم فِي أخر شعْبَان أحمال كَثِيرَة من بِلَاد الصَّعِيد وتبعها الْحمل فِي الْبر وَالْبَحْر من الشرقية والغربية والبحيرة. وَخَافَ أَرْبَاب الغلال على أنفسهم فأخرجوها للْبيع حَتَّى إِذا أهل شهر رَمَضَان قدمت التراويج فِي أَوَائِل الْحَصاد. وَوَافَقَ ذَلِك النداء على النّيل بِالزِّيَادَةِ فعبرت المراكب فِيهِ بالغلال إِلَى سَاحل مصر وزفت بالمغاني وَكَانَ الْخبز يُبَاع سِتَّة أَرْطَال بدرهم فَبيع من الْغَد ثَمَانِيَة أَرْطَال بدرهم. فَلم يَنْسَلِخ لشهر رَمَضَان حَتَّى فرج الله عَن عباده وَنزل السّعر قَلِيلا قَلِيلا بَعْدَمَا ظن كثير من النَّاس أَنه نَظِير غلاء الْعَادِل كتبغا فَسلم الله بمنه. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء رَابِع عشر شَوَّال: قدم رسل الْملك مُوسَى الَّذِي ملك بعد أربا كاؤن وَرَسُول عَليّ بادشاه. فَخلع عَلَيْهِمَا وأنعم على جماعته بِمَال كثير. فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة: ركبُوا من القلعة بعد الصَّلَاة ومضوا فزاروا الإِمَام الشَّافِعِي والسيدة نفيسة وعادوا إِلَى التربة المنصورية بَين القصرين فزاروا قبر السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور قلاوون وعدوا المارستان وطلعوا إِلَى القلعة ودقت الكوسات عِنْد نزولهم مِنْهَا ثمَّ عِنْد عودهم إِلَيْهَا وسافروا فِي تَاسِع عشريه. وَمُلَخَّص كتبهمْ الْخَبَر بِمَوْت ملك الشرق القان بوسعيد ابْن القان مُحَمَّد خربندا بن أرغون أبغا ابْن عَدو الله هولاكو بن طلوخان ابْن عَدو الله جنكز خَان بِالْبَابِ الْحَدِيد وَهُوَ مُتَوَجّه إِلَى لِقَاء أزبك خَان
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute