للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَمَّا حضر الْقُضَاة إِلَى دَار الْعدْل على الْعَادة لم يُؤذن لَهُم فِي دُخُوله وعندما نزلُوا بعث السُّلْطَان إِلَى الْقزْوِينِي مَعَ الدوادار بِأَن نَائِب الشَّام شكا من ابْن الْمجد قَاضِي دمشق وَقد اقْتضى رأية أَن أَن ترجع ابْنك عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ لَا ترجعه فَإِذا حضرت بدار الْعدْل استعف من الْقَضَاء بِحَضْرَة الْأُمَرَاء. وَاعْلَم أَنِّي آمُر نَائِب الشَّام أَنه إِذا رأى أولادك على سيرة مرضية قابلهم بِمَا يستحقونه. فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْخَمِيس: وَحضر قَاضِي الْقُضَاة الْقزْوِينِي دَار الْعدْل سَأَلَ الْحَاجِب أَن يسْأَل لَهُ السُّلْطَان فِي تَمْكِينه من التَّوَجُّه إِلَى دمشق فَإِن مصر لم توافقه وَلَا وَافَقت أَهله فَأذن لَهُ السُّلْطَان فِي ذَلِك. وَنزل الْقزْوِينِي فَأخذ فِي وَفَاء دينه وَكَانَ عَلَيْهِ لجِهَة وقف التربة الأشرفية الْمُجَاورَة لمشهد السيدة نفيسة مبلغ مِائَتي ألف دِرْهَم وَثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم فَبَاعَ أملاكه وأملاك أَوْلَاده وأثاثهم وتحفهم بِربع ثمنهَا وَكَانَت نفيسة. فباعوا من صنف الْأَوَانِي الصيني بمبلغ أَرْبَعِينَ ألف دِرْهَم وَبَاعَ عبد الله إِحْدَى عشرَة جَارِيَة مَا بَين ثَمَانِيَة أُلَّاف دِرْهَم الْجَارِيَة إِلَى أَرْبَعَة أُلَّاف وَبَاعَ من اللُّؤْلُؤ والجواهر والزركش مَا قِيمَته زِيَادَة على مائَة وَعشْرين ألف دِرْهَم وَبَاعَ دَاره بِالْقَاهِرَةِ بِخَمْسَة وَثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم وأدوا مَا عَلَيْهِم من الدّين للأيتام وَغَيرهم. وَسَار قَاضِي الْقُضَاة بأَهْله وَأَوْلَاده إِلَى دمشق وصحبته سِتُّونَ زوج محاير على الْجمال فِي كل محارة امْرَأَة. وتأسف النَّاس على فِرَاقه لمحبتهم لَهُ مَعَ بغضهم لأولاده فَإِنَّهُ كَانَ كَرِيمًا جواداً سخياً لَهُ صدقَات ومراعاة لأرباب الْبيُوت يهب الْألف دِرْهَم وَلم يعرف فِي دولة الأتراك بِمصْر قَاض لَهُ مثل سعادته وَلَا مثل حظوته من السُّلْطَان وَقُوَّة حرمته وَكَانَ سَفَره فِي جُمَادَى الْآخِرَة. وَفِي يَوْم الْأَحَد ثامن عشره: استدعى عز الدّين عبد الْعَزِيز ابْن قَاضِي الْقُضَاة بدر الدّين مُحَمَّد بن جمَاعَة الشَّافِعِي وخلع عَلَيْهِ وَاسْتقر قَاضِي الْقُضَاة عوضا عَن الْجلَال الْقزْوِينِي. وَكَانَ السُّلْطَان قد جمع بَين يَدَيْهِ الْقُضَاة وَالْفُقَهَاء وَفِيهِمْ عز الدّين

<<  <  ج: ص:  >  >>