للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعد تَمنعهُ. ورسم لَهُ أَن ينزل للحوطة على النشو وأقاربه وَمَعَهُ الْأَمِير آقبغا والأمير برسبغا وشهود الخزانة. فَنزل جمال الكفاة بتشريفة وَركب بغلة النشو حَتَّى أخرج حواصله. وَقد أغلق النَّاس الْأَسْوَاق وتجمعوا من كل موصع وَمَعَهُمْ الطبول والشموع وأنواع الملاهي وأرباب الخيال بِحَيْثُ لم يُوجد حَانُوت مَفْتُوح نهارهم كُله. ثمَّ سَارُوا مَعَ الْأُمَرَاء على حَالهم إِلَى تَحت القلعة وصاحوا صَيْحَة حَتَّى انزعج وَدخل الْأُمَرَاء على السُّلْطَان بِمَا وجدوه للنشو وَهُوَ من الْعين خَمْسَة عشر ألف دِينَار مصرية والفان وَخَمْسمِائة حَبَّة لُؤْلُؤ قيمَة كل حَبَّة مَا بَين ألفي دِرْهَم إِلَى ألف دِرْهَم وَسَبْعُونَ فص بلخش قيمَة كل فص مَا بَين خَمْسَة أُلَّاف دِرْهَم إِلَى أَلفَيْنِ وقطعتان زمرد فاخر زنتهما رَطْل ونيف وَسِتُّونَ حبلاً من لُؤْلُؤ كبار زنة ذَلِك أَرْبَعمِائَة مِثْقَال وَمِائَة وَسَبْعُونَ خَاتم ذهب وَفِضة بفصوص مثمنة وكف مَرْيَم مرصع بجوهر وصليب ذهب مرصع وعدة قطع زركش سوى حواصل لم تفتح. فَخَجِلَ السُّلْطَان لما رأى ذَلِك وَقَالَ لِلْأُمَرَاءِ: لعن الله القبط وَمن يأمنهم أَو يُصدقهُمْ. وَذَلِكَ أَن النشو كَانَ يظْهر الْفَاقَة بِحَيْثُ يقترض الْخمسين درهما وَالثَّلَاثِينَ درهما حَتَّى ينفقها. وَبعث فِي بعض اللَّيَالِي إِلَى جمال الدّين إِبْرَاهِيم بن المغربي رَئِيس الْأَطِبَّاء يطْلب مِنْهُ مائَة دِرْهَم وَيذكر لَهُ أَنه طرقه ضيف وَلم يجد مَا يعشيه بِهِ. وَقصد بذلك أَن يكون لَهُ شَاهدا بِمَا يَدعِيهِ من الْفقر. فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الْأَيَّام شكا النشو للسُّلْطَان الْفَاقَة وَابْن المغربي حَاضر فَذكر أَنه اقترص مِنْهُ فِي لَيْلَة كَذَا مائَة دِرْهَم فَمشى ذَلِك على السُّلْطَان وتقرر فِي ذهنه أَنه فَقير لَا مَال لَهُ وَصَارَ السُّلْطَان يذكر ذَلِك كل قَلِيل لِلْأُمَرَاءِ. وَاسْتمرّ الْأُمَرَاء ينزلون كل يَوْم لإِخْرَاج حواصل النشو فَوجدَ لَهُ من الْأَوَانِي الصيني والبلور وَفِيه ولي الْمُوفق نظر الْبيُوت. وَفِيه ولي الْمجد بن الْمُعْتَمد ديوَان الْأَمِير ملكتمر الْحِجَازِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>