للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَكتب أرتنا يعرف السُّلْطَان بذلك ويسال أَلا يطلع تنكر على مَا بَينه وَبَين السُّلْطَان ورماه بِأُمُور أوجبت شدَّة تغيره عَلَيْهِ وَاتفقَ أَيْضا أَن غضب تنكز على جمَاعَة من مماليكه وضربهم وسجنهم بالكرك والشوبك فَكتب مِنْهُم جوبان وَكَانَ أكبر مماليكه الْأَمِير قوصون يشفع بِهِ فِي الإفراج عَنهُ من سجن الشوبك. فَكلم قوصون السُّلْطَان فِي ذَلِك فَكتب إِلَى تنكز يشفع فِي جوبان فَلم يجب عَن أمره بِشَيْء فَكتب إِلَيْهِ ثَانِيًا وثالثاً فَلم يجب فَاشْتَدَّ غضب السُّلْطَان حَتَّى قَالَ لِلْأُمَرَاءِ: مَا تَقولُونَ فِي هَذَا الرجل هُوَ شفع عِنْدِي فِي قَاتل أخي فَقبلت شَفَاعَته وأخرجته من السجْن وَسيرَته إِلَيْهِ يَعْنِي طشتمر آخا بتخاص وَأَنا أشفع فِي مَمْلُوكه مَا يقبل شفاعي وَكتب لنائب الشوبك بالإفراج عَن جوبان فأفرج عَنهُ. وَكَانَ تنكز رَحمَه الله فِي نِيَابَة دمشق قد أَزَال الْمَظَالِم وَأقَام منار الشَّرْع وَأمر بِالْمَعْرُوفِ وَنهى عَن الْمُنكر وأزال مَا كَانَ بِدِمَشْق وأعمالها من الْفَوَاحِش والخانات والخمارات وَبَالغ فِي الْعقُوبَة على ذَلِك حَتَّى قتل فِيهِ. وأنصف الْعَامَّة والتجار بخلاص حُقُوقهم من الْأُمَرَاء وَحَملهمْ مَعَ أخصامهم إِلَى الشَّرْع. واحتجب عَن الِاجْتِمَاع بالشاميين وَغَيرهم وَامْتنع من قبُول التقادم والهدايا جملَة. وتتبع الْمدَارِس والمساجد والأوقاف فعمرها جَمِيعهَا وَمنع مستحقيها من تنَاول ريعها حَتَّى كملت عمارتها. وحدد عدَّة أَمَاكِن قد دثرت أوقافها وَأعَاد فِيهَا وظائف الْعِبَادَات بَعْدَمَا بطلت وجدد عمَارَة الْجَامِع الْأمَوِي وَعمر أوقافه وَأصْلح تقاسيم الْمِيَاه بعد مَا كَانَت فَاسِدَة ونظف مجاريها ووضح طرقها وَهدم الْأَمْلَاك الَّتِي استجدها النَّاس وضيقوا بهَا الشوارع والطرقات المسلوكة. وألزم وَالِي الْمَدِينَة أَن يُعلمهُ. مِمَّن يشرب الْخمر من الْأُمَرَاء وَأَوْلَادهمْ فَتعذر وجود الْخمر فِي أَيَّامه وَلم يكن يُوجد. واستجد ديواناً لِلزَّكَاةِ وصرفها للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وأرباب الْبيُوت. وانكفت الْوُلَاة فِي أَيَّامه عَن الظُّلم وأحبته الْعَامَّة وَمنع الْأُمَرَاء من تسخير الفلاحين والمزارعين فِي أَعْمَالهم ومنعهم أَيْضا من الِاجْتِمَاع فِي الْفرج والمتنزهات وَغَيرهَا فصاروا إِذا وكبوا فِي المواكب لَا يقدر أحد مِنْهُم يكلم رَفِيقه وَإِذا صَارُوا إِلَى بُيُوتهم لَا يَسْتَطِيع الْوَاحِد أَن يجْتَمع بِالْآخرِ وَإِذا اخْرُج تنكز إِلَى سفر لَا يتَأَخَّر مِنْهُم أحد سَوَاء قَالَ لَهُ: أخرج أَو لم يقل لَهُ. وَمنع أكَابِر الْأُمَرَاء أَن تترجل لَهُ أَو تمشي فِي خدمته فَأَقَامَ الله لَهُ من الْحُرْمَة مَا لَا حصل لأحد من نواب الدولة التركية وَكتب لنواب الْبِلَاد الشامية أَلا يكاتبوا السُّلْطَان إِلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>