فتوالدت عِنْده خُيُول كَثِيرَة حَتَّى أغنته عَن جلب مَا سواهَا وَمَعَ ذَلِك فَإِنَّهُ كَانَ يرغب فِي الْفرس الَّذِي يجلب إِلَيْهِ أَكثر مِمَّا توالد عِنْده. فعزت الْعَرَب من آل مهنا وَآل فضل وَآل مرا فِي أَيَّامه وَكَثُرت سعادتها واتسعت أحوالها بالأموال والضياع وحملتهم الدَّالَّة حَتَّى طلبُوا من السُّلْطَان النَّاصِر بِلَاد أُمَرَاء حلب وحماة ودمشق فأنعم بهَا عَلَيْهِم وَعوض الْأُمَرَاء عَنْهَا حَتَّى صَارُوا من الْقُوَّة وَالْكَثْرَة بِحَيْثُ يخافهم من عداهم من سَائِر الْعَرَب. وَشَمل الْغنى عامتهم فَكَانُوا إِذا رحلوا إِلَى مشاتيهم أَو مصائفهم تكون أَمْوَالهم من الذَّهَب وَالْفِضَّة ملْء رِقَاب الْجمال إِلَى غير ذَلِك من الْإِبِل وَالْغنم وَالْخَيْل الَّتِي لَا تدخل تَحت حصر. ولبسوا فِي أَيَّامه الْحَرِير الأطلس المعدني بالطرز الزوكشي والشاشات المرقومة بالطرز ولبسوا القرصيات بالطرز الزَّرْكَشِيّ والداير الباولي والإسكندري الْمُطَرز بِالذَّهَب وصاغ السُّلْطَان لنسائهم الأطواق الذَّهَب المرصع وَعمل لَهُنَّ الشنابر المشهرة بأكر الذَّهَب والأساور المرصعة بالجوهر واللؤلؤ وَبعث لَهُنَّ القماش السكندري وَالشرب والشمع وَعمل لَهُنَّ البراقع المزركشة والمسك وأنواع الطّيب. وَذَلِكَ بَعْدَمَا كَانَ لبس أمرائهم إِلَى آخر الْأَيَّام المنصورية قلاوون الطراطير الْحمر من تَحت العمائم الشامية من الْقطن وَكَانَت خلعهم إِمَّا مسمط أَو كنجي. وَأول من لبس مِنْهُم طرد وَحش مهنا بن عِيسَى فِي أَيَّام الْمَنْصُور لاجين لموده بَينهمَا فَأنْكر الْأُمَرَاء ذَلِك فَاعْتَذر لَهُم لاجين بتقدم صحبته لَهُ وأياديه عِنْده وَأَنه أَرَادَ أد يُكَافِئهُ على ذَلِك. وَقدم مهنا وَأَخُوهُ فِي أَيَّام تحكم بيبرس وسلار فِي الدولة فسألا أَن يقطعا ضَيْعَة من بِلَاد حلب وينزلا عَمَّا بأيديهما عوضا عَنْهَا فَغَضب الْأمين سلار من ذَلِك وَقَالَ: يَا عرب وصلتم إِلَى أَن تَأْخُذُوا ضيَاع القلاع والأجناد وتعملوها لكم إقطاعا ونهرهما فَخَرَجَا من عِنْده على حَالَة غير مرضية. وَلما عدى الظَّاهِر بيبرس الْفُرَات وَكسر الْمغل وَكَانَ مَعَه مهنا بن مَانع بن حُذَيْفَة فِي أَلفَيْنِ من عربه وَكَانُوا يقفون على مخائص الْفُرَات ويتقدمون بَين يَدي الْعَسْكَر خوفًا من غرقهم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute