للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَمَّا قدم السُّلْطَان الظَّاهِر بيبرس إِلَى حلب سَأَلَ مَانع أَبُو مهنا الْأَمِير قلاوون أَن يكون لِابْنِهِ مهنا أَرض على سَبِيل الرزقة وَيقوم عَلَيْهَا أَرْبَعَة أَفْرَاس وَعشرَة جمال. فَلَمَّا تحدث قلاوون فِي ذَلِك مَعَ السُّلْطَان بيبرس لم يجبهُ بِشَيْء حَتَّى حضر مَانع فِي الْخدمَة مَعَ الْأُمَرَاء فَقَالَ لَهُ: وَيلك يَا بدوي نحس وصلت أَن تطلب زِيَادَة على إقطاع ولدت وتبرطل السُّلْطَان على ملكه وَالله لَئِن سَمِعت عَنْكُم شَيْئا من هَذَا لأخرجنكم من الْبِلَاد خُرُوجًا نحساً وَأكْثر من هَذَا وَشبهه فَمَا زَالَ بِهِ قلاوون والأمراء حَتَّى سكن غيظه. فَخَالف السُّلْطَان النَّاصِر سيرة من تقدمه من الْمُلُوك فِي أَمر الْعَرَب حَتَّى قَالَ لَهُ صفرَة بن سُلَيْمَان بن مهنا: لقد أفسدت علينا نسواننا يُرِيد لِكَثْرَة مَا غمرهن السُّلْطَان بِالْمَالِ. وَأرْسل لَهُ مرّة بن مهنا مَعَ قاصده يَقُول لَهُ: خف الله فِي الْمُسلمين وَبَيت المَال فَإنَّك تفرقه على الْعَرَب وَنِسَائِهِمْ وصغارهم. فَكيف يحل لَك هَذَا وَمَتى سَمِعت عَن بدوية أَنَّهَا تلبس غير الثَّوْب من الْقطن والبرقع الْمَصْبُوغ وَفِي يَدهَا سوار من حَدِيد وَإِن شمت طيبا فَمن زَاد بِهَذَا لَهَا فو الله لقد أفسدت حَال الْعَرَب وَحَال نِسَائِهِم وأطمعتهم فِي شَيْء لم يَكُونُوا يطمعون فِيهِ قبلك. وَنَحْو ذَلِك من العتب. وَمَات السُّلْطَان النَّاصِر وَفِي الجشارات ثَلَاثَة آلَاف فرس يعرض فِي كل سنة عَلَيْهِ فيدفعها ويسلمها للركابين من العربان لرياضتها ثمَّ ينعم بأكثرها على الْأُمَرَاء والخاصكية ويفرح بذلك وَيَقُول: هَذِه فُلَانَة بنت فُلَانَة أَو فلَان ابْن فُلَانَة عمرها كَذَا وَشِرَاء أمهَا كَذَا وَشِرَاء أَبِيهَا كَذَا وَكَانَ يتَقَدَّم إِلَى الْأُمَرَاء أَن يضمروا الْخُيُول ويرتب على كل أَمِير من أُمَرَاء الألوف أَرْبَعَة أرؤس فِي كل سنة يضمرها ويسير للأمير أيدغمش أَمِير أخور أَن يضمر خيلاً من غير أَن يعلم الْأُمَرَاء أَنَّهَا للسُّلْطَان بل يشيع أَنَّهَا لَهُ ويرسلها للسباق مَعَ خيل الْأُمَرَاء فِي كل سنة. وَكَانَ عِنْد الْأَمِير قطلوبغا الفخري حصان أدهم سبق خيل مصر كلهَا ثَلَاث سِنِين مُتَوَالِيَة. وَكَانَ السُّلْطَان يُرْسل إِلَى مهنا وَأَوْلَاده أَن يحضروا بِالْخَيْلِ السَّبق عِنْدهم للسباق ثمَّ يركب إِلَى ميدان القبق ظَاهر الْقَاهِرَة فِيمَا بَين قلعة الْجَبَل وقبة النَّصْر وَيُرْسل الْخَيل وعدتها دَائِما مَا ينيف على مائَة وَخمسين فرسا إِلَى أَن بعث مهنا مَعَ ولديه سُلَيْمَان

<<  <  ج: ص:  >  >>