ومُوسَى حجرَة شهباء على أَنَّهَا إِن سبقت كَانَت للسُّلْطَان وَإِن سبقت ردَّتْ عَلَيْهِ بِشَرْط أَلا يركبهَا للسباق إِلَّا بدويها الَّذِي قادهاه فَلَمَّا ركب السُّلْطَان والأمراء ووقفوا على الْعَادة وَمَعَهُمْ أَوْلَاد مهنا بالميدان وَأرْسلت الْخَيل من الْبركَة كَمَا جرت بِهِ الْعَادة ركب البدوي حجرَة مهنا الشَّهْبَاء عريا بِغَيْر سرج وَقد لبس قَمِيصًا ولاطية فَوق رَأسه. فَأَقْبَلت الْخَيل تتبع بَعْضهَا بَعْضًا وَهِي قُدَّام الْجَمِيع وَبعدهَا على قرب مِنْهَا حصان لأيدغمش يعرف بِهِلَال. فَلَمَّا وقف البدوي بالشهباء بَين يَدي السُّلْطَان صَاح بِصَوْت مَلأ الْخَافِقين. السَّعَادَة لَك الْيَوْم يَا مهنا لَا شقيت وَألقى نَفسه إِلَى الأَرْض من شدَّة التَّعَب ثمَّ قدم الْحُجْرَة للسُّلْطَان. فَكَانَ هَذَا دأب السُّلْطَان النَّاصِر فِي كل سنة. وَترك السُّلْطَان النَّاصِر أَيْضا بالإسطبلات أَرْبَعَة آلَاف فرس وَثَمَانمِائَة فرس مَا بَين حجورة ومهارة وفحولة وأكاديش وَترك من الهجن الأصائل والنياق خَمْسَة أُلَّاف ونيف سوى أتباعها. وَكَانَ يحب الصَّيْد فَلم يدع أَرضًا تعرف بصيد الطير إِلَّا وَأقَام بهَا صيادين مقيمين فِي الْبَريَّة أَوَان الصَّيْد. وجلب طيور الْجَوَارِح من الصقورة والشواهين والسناقر والبزاة حَتَّى كثرت السناقر فِي أَيَّامه فَصَارَ كل أَمِير عِنْده مِنْهَا عشرَة سناقر وَأَقل وَأكْثر. وَجعل لَهَا بازدارية جوندارية وأقطع عدَّة مِنْهُم الإقطاعات وأجرى لَهُم الرَّوَاتِب من اللَّحْم والعليق والكساوي وَغير ذَلِك. وَترك بعد مَوته مائَة وَعشْرين سنقراً لخاصه وَلم يعْهَد مثل هَذَا لملك قبله بِمصْر بل كَانَ فِي الْأَيَّام المنصورية سنقر وَاحِد فَإِذا ركب السُّلْطَان فِي الموكب كَانَ بازداره أَيْضا رَاكِبًا والسنقر على يَده.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute