للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلما توجه الْأَمِير حسام الدّين طرنطاي لحصار سنقر الْأَشْقَر بصهيون سَأَلَ أَن يكون هَذَا السنقر فِي طلبه ليتجمل بِهِ من غير أَن يتصيد بِهِ وَلَا يرميه على صيد. وَترك من الصقورة والشواهين وَنَحْوهَا مَا لَا ينْحَصر وَترك ثَمَانِينَ جوقة كلاب الصَّيْد بكلابزيتها وَكَانَ قد اتخذ لَهَا موضعا بِالْجَبَلِ. وعني السُّلْطَان النَّاصِر أَيْضا بِجمع الأعنام وَأقَام لَهَا خَوْلَة وَكَانَ يبْعَث فِي كل سنة الْأَمِير آقبغا عبد الْوَاحِد فِي عدَّة من المماليك السُّلْطَانِيَّة ليكشف المراحات من قوص إِلَى الجزيرة وَيَأْخُذ مِنْهَا مَا يتخيره من الأغنام وَكَانَ يجرد أَيْضا إِلَى عيذاب وبلاد النّوبَة لجلب الأغنام. وَعمل السُّلْطَان لَهَا حوشاً بقلعة الْجَبَل وَأقَام لَهَا خَوْلَة نَصَارَى من الأسرى. وعني أَيْضا بالإوز وَأقَام لَهَا عدَّة من الخدم والجواري وَجعل لَهَا جايرا بحوش الْغنم. فبلغت عدَّة الأغنام الَّتِي تَركهَا بعد مَوته نَحْو الثَّلَاثِينَ ألف رَأس سوى أتباعها. فاقتدى بِهِ الْأُمَرَاء وَصَارَت لَهُم أَغْنَام عَظِيمَة جدا فِي عَامَّة أَرض مصر قبليها وبحريها. وَكَانَ السُّلْطَان النَّاصِر كثير العنايه بأرباب وظائفه وحواشيه من الْأَمِير آخورية والأوجاقية وغلمان الإصطبل والبزدارية والفراشين والخولة والطباخين. فَكَانَ إِذا جَاءَ أَوَان تَفْرِقَة الْخُيُول على الْأُمَرَاء بعث إِلَى الْأَمِير بِمَا جرت بِهِ عَادَته مَعَ أَمِير أخور وأوجاقي وسايس وركبدار وترقب عودتهم حَتَّى يعرف مَا أنعم بِهِ ذَلِك الْأَمِير عَلَيْهِم فَإِن شج الْأَمِير عَلَيْهِم فِي عطائه تنكر لَهُ وبكته بَين الْأُمَرَاء ووبخه. وَقرر أَن يكون أَمِير أخور الْكَبِير بَينهم بقسمين وَمن عداهُ بقسم وَاحِد. وَكَانَ أَيْضا إِذا بعث إِلَى أحد من الْأُمَرَاء طيراً مَعَ أَمِير شكار أَو أحد من البزدارية يحْتَاج الْأَمِير أَن يلْبسهُ خلعة كَامِله بحياصة ذهب وكفلتاه زركش فَيَعُود بهَا وَيقبل الأَرْض بَين يَدي السُّلْطَان فيستدنيه ويفتش خلعته. وَكَانَت عَادَته أَن يبْعَث يَوْم النَّحْر أَغْنَام الضَّحَايَا إِلَى الْأُمَرَاء مَعَ الأبقار والنوق فَبعث مرّة صُحْبَة بعض الخولة النَّصَارَى إِلَى الْأَمِير بيبغا حارس الطير ثَلَاثَة كباش فَأعْطَاهُ بيبغا عشرَة دَرَاهِم فُلُوسًا فَعَاد الخولي إِلَى السُّلْطَان فَقَالَ لَهُ: وَأَيْنَ خلعتك فَطرح الْفُلُوس بَين يَدَيْهِ وعرفه بهَا فَغَضب وَأمر بعض الخدام أَن يسير بالخولي إِلَى بيبغا وَيَقُول لَهُ: قَالَ لَك السُّلْطَان: لَا فتح الله عَلَيْك برزق. وَيلك أما كَانَ عنْدك قبَاء ترميه على غلامي. وخله يلْبسهُ طرد وَحش. فَلَمَّا بلغه الْخَادِم ذَلِك نَدم وَأخذ يعْتَذر وألبس الخولي قبَاء طرد وَحش.

<<  <  ج: ص:  >  >>