للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِلَاد الرّوم نِيَابَة لأرتنا وخطب لَهُ بهَا وبماردين وبجبال الأكراد وحصن كيفا وبغداد وَغَيرهَا من بِلَاد الشرق وَهُوَ بكرسي ملك مصر. وأتته هَدِيَّة مُلُوك الْمغرب والهند والصين والحبشة والتكرور وَكَانَ السُّلْطَان النَّاصِر على غَايَة من الحشمة ورياسة النَّفس وسياسة الْأُمُور فَلم يضْبط عَلَيْهِ أحد أَنه أطلق لِسَانه بِكَلَام فَاحش فِي شدَّة غَضَبه وَلَا فِي انبساطه وَكَانَ يَدْعُو الْأُمَرَاء وأرباب الولايات وَأَصْحَاب الأشغال بِأَحْسَن أسمائهم وَأجل ألقابهم وَإِذا غضب على أحد لَا يذكر لَهُ ذَلِك. وَكَانَ يقتصد فِي لِبَاسه فيلبس كثيرا البعلبكي والنصافي الْمُتَوَسّط وَيعْمل حياصته فضَّة نَحْو مائَة دِرْهَم بِغَيْر ذهب وَلَا جَوْهَر ويركب بالسرج الْمسْقط بِالْفِضَّةِ الَّتِي زنتها دون الْمِائَة دِرْهَم وعباءة فرسه إِمَّا تدمري أَو شَامي لَيْسَ فِيهَا حَرِير. وَكَانَ مفرط الذكاء يعرف جَمِيع مماليك أَبِيه وَأَوْلَادهمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَيعرف بهم الْأُمَرَاء وَكَذَلِكَ مماليكه لَا يغيب عَنهُ اسْم أحد مِنْهُم وَلَا شغله عِنْده وَلَا مبلغ جامكيته. وَكَانَ يعرف أَيْضا غلمانه وحاشيته على كَثْرَة عَددهمْ وَلَا يفوتهُ معرفَة أحد من الْكتاب فَإِذا أرد أَن يولي أحدا مَكَانا أَو يرتبه فِي وَظِيفَة استدعى جَمِيع الْكتاب إِلَى بَين يَدَيْهِ وَاخْتَارَ مِنْهُم وَاحِد أَو أَكثر من غير أَن يرجع فيهم إِلَى أحد ثمَّ يقيمه فِيمَا يُرِيد من الْوَظَائِف.

<<  <  ج: ص:  >  >>