للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَانَ فِيهِ تؤدة فَإِذا غضب على أحد من أمرائه أَو كِتَابه أسر ذَلِك فِي نَفسه وتروى فِيهِ مُدَّة طَوِيلَة وَهُوَ ينْتَظر لَهُ ذَنبا يَأْخُذهُ بِهِ كَمَا وَقع لَهُ فِي أَمر كريم الدّين الْكَبِير والأمير أرغون النَّائِب والأمير طغيه وَغَيرهم فَإِنَّهُ أَقَامَ عدَّة سِنِين يُرِيد الْقَبْض عَلَيْهِم وَهُوَ يتأنى وَلَا يعجل إِلَى أَن عثر لَهُم على ذنُوب توجب لَهُ أَخذهم بهَا حَتَّى لَا ينْسب إِلَى ظلم وَلَا حيف فَإِنَّهُ كَانَ يعظم عَلَيْهِ أَن يذكر عَنهُ أَنه ظَالِم أَو جَائِر أَو فِيهِ حيف أَو وَقع فِي أَيَّامه خراب أَو خلل ويحرص على حسن القالة فِيهِ وَذكره بالجميل. وَكَانَ يستبد بِأُمُور مَمْلَكَته ويتفرد بِالْأَحْكَامِ حَتَّى أَنه أبطل نِيَابَة السلطنة ليشتغل بأعباء الدولة وَحده. وَكَانَ يكره أَن يَقْتَدِي بِمن تقدمه من الْمُلُوك وَلَا يحْتَمل أَن يذكر عِنْده ملك. وَكَانَ يكره شرب الْخمر ويعاقب عَلَيْهِ وَيبعد من يشربه من الْأُمَرَاء عَنهُ. وَبلغ السُّلْطَان النَّاصِر من الْكَرم والجود والأفضال وسعة الْعَطاء غَايَة تخرج عَن الْحَد فوهب فِي يَوْم وَاحِد مَا يزِيد على مائَة ألف دِينَار ذَهَبا وَلم يزل مُسْتَمر الْعَطاء لخاصكيته مَا بَين عشرَة أُلَّاف دِينَار وَنَحْوهَا. وَسُئِلَ النشو: هَل أطلق السُّلْطَان يَوْمًا ألف ألف دِرْهَم قَالَ: نعم كثيرا. وأنعم فِي يَوْم على بشتاك بِأَلف ألف دِرْهَم فِي ثمن قَرْيَة وأنعم على مُوسَى بن مهنا بِأَلف ألف دِرْهَم فِي ثمن القريتين. وَاشْترى من الرَّقِيق فِي مُدَّة أَولهَا شعْبَان سنة اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ إِلَى سنة سبع وَثَلَاثِينَ بأربعمائة ألف دِينَار وَسبعين ألف دِينَار. وَكَانَ ينعم على تنكز فِي كل سنة يتَوَجَّه إِلَيْهِ بِمَا يزِيد على ألف ألف دِرْهَم وأنعم يَوْمًا على قوصون بزردخاناه بكتمر الساقي وَقِيمَة مَا فِيهَا سِتّمائَة ألف دِينَار أَخذ السُّلْطَان من الْجَمِيع سرجاً وَاحِدًا وسيفاً وَاحِدًا. وَلما تزوج قوصون بابنته حمل إِلَيْهِ الْأُمَرَاء شَيْئا كثيرا ثمَّ بعد ذَلِك زوج ابْنَته الْأُخْرَى بطغاي تمر وَقَالَ: مَا نعمل لَهُ عرساً لِأَن الْأُمَرَاء يَقُولُونَ هَذِه مصاردة بِحسن عبارَة وَنظر إِلَى طغاي تمر فرأه وَقد تغير. فَقَالَ للْقَاضِي تَاج الدّين إِسْحَاق نَاظر الْخَاص: يَا قَاضِي اعْمَلْ لي ورقة بمكارمة الْأُمَرَاء فِي عرس قوصون فَعمل ورقة وأحضرها فَقَالَ: كم الْجُمْلَة فَقَالَ: خَمْسُونَ ألف دِينَار فَقَالَ: أعْط نظيرها من الخزانة لطغاي تمر وَهَذَا سوى مَا دخل مَعَ الزَّوْجَة من الجهاز. وَجرى يَوْمًا عِنْد السُّلْطَان ذكر عشْرين ألف دِينَار فَقَالَ يلبغا اليحياوي: يَا خوند أَنا وَالله عمري مَا رَأَيْت عشْرين ألف دِينَار فَلَمَّا رَاح من عِنْده طلب النشو وَقَالَ لَهُ. احْمِلْ السَّاعَة إِلَى يلبغا عشْرين ألف دِينَار وجهزها مَعَ الخازندارية وجهز خَمْسَة

<<  <  ج: ص:  >  >>