وعمرت هُنَاكَ الناصرية وَنقل إِلَيْهَا مقداد بن شماس بأولاده وعدتهم مائَة ولد ذكر وَاسْتمرّ المَاء طول السّنة بخليج الْإسْكَنْدَريَّة. وَأَنْشَأَ الميدان تَحت القلعة وأجرى لَهُ الْمِيَاه وغرس فِيهِ النّخل وَالْأَشْجَار وَلعب فِيهِ بالكرة فِي كل يَوْم ثلاثاء مَعَ الْأُمَرَاء والخاصكية وَعمر فَوْقه الْقصر الأبلق. وأخرب البرج الَّذِي عمره أَخُوهُ الْأَشْرَف خَلِيل على الإصطبل وَجعل فَوْقه رفرفا وَترك أَصله من أَسْفَله وَعمر بجانبه برجاً نقل إِلَيْهِ المماليك. وَغير بَاب النّحاس بالقلعه ووسع دهليزه. وَعمر فِي الساحة قُدَّام الإيوان طباقاً لِلْأُمَرَاءِ والخاصكية وَغير الإيوان مرَّتَيْنِ وَفِي الْمرة الثَّالِثَة أقره على مَا هُوَ عَلَيْهِ الْآن وَحمل إِلَيْهِ الْعمد الْكِبَار من بِلَاد الصَّعِيد فجَاء من أعظم المباني الملوكية. وَعمر بالقلعة دوراً لِلْأُمَرَاءِ الَّذين زوجهم ببناته وأجرى إِلَيْهَا الْمِيَاه وَعمل بهَا الحمامات وَزَاد فِي بَاب الْقلَّة من القلعة بَابا ثَانِيًا. وَعمر حارة مُخْتَصّ وَعمر الْجَامِع بالقلعة والقاعات السَّبع الَّتِي تشرف على الميدان وَبَاب القرافة لأجل سُكْنى سراريه. وَعمر المطبخ وَجعل عمائره كلهَا بِالْحِجَارَةِ خوفًا من الْحَرِيق. وعزم أَن يُغير بَاب القلعة الْمَعْرُوف بالمدرج وَيعْمل لَهُ دركاه فَمَاتَ قبل ذَلِك. وَعمل فِي القلعة حوش الْغنم وحوش الْبَقر وحوش المعزى وجاير الأوز وَغير ذَلِك فأوسع فِيهَا نَحْو خمسين فداناً. وَعمر الخانكاه بِنَاحِيَة سرياقوس ورتب بهَا مائَة صوفي لكل مِنْهُم الْخبز وَاللَّحم وَالطَّعَام والحلوى وَسَائِر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ. وَعمر الْقُصُور بِالْقربِ مِنْهَا وَعمل لَهَا بستاناً حمل إِلَيْهَا الْأَشْجَار من دمشق وَغَيرهَا فَصَارَ بِهِ عَامَّة فواكه الشَّام. وحفر الخليج الناصري خَارج الْقَاهِرَة حَتَّى أوصله إِلَى سرياقوس فعمر على هَذَا الخليج عدَّة قناطر: مِنْهَا قنطرة بفمه عِنْد الميدان أَنْشَأَهَا الْفَخر نَاظر الْجَيْش وقنطرة قدادار وَالِي الْقَاهِرَة وَغير ذَلِك فَصَارَ بجانبي الخليج عدَّة بساتين وعمرت بِهِ أَرض الطبالة بعد خرابها من أَيَّام الْعَادِل كتبغا. وعمرت فِي أَيَّام السُّلْطَان النَّاصِر جَزِيرَة الْفِيل وناحية بولاق بَعْدَمَا كَانَت رمالاً ترمي بهَا المماليك النشاب وتلعب الْأُمَرَاء فِيهَا بالكرة فَصَارَت كلهَا دوراً وقصوراً وجوامع وأسواق وبساتين. وَبَلغت الْبَسَاتِين بِجَزِيرَة الْفِيل زِيَادَة على مائَة وَخمسين بستاناً بَعْدَمَا كَانَت نَحْو الْعشْرين بستاناً. واتصلت الْعِمَارَة على سَاحل النّيل من منية الشيرج إِلَى جَامع الخطيري إِلَى حكر ابْن الْأَثِير وزريبة قوصون إِلَى منشأة الكتبة ومنشأه المهراني إِلَى بركَة الْحَبَش حَتَّى كَانَ الْإِنْسَان يتعجب لذَلِك فَإِنَّهُ كَانَ يعْهَد هَذَا كُله تلال رمل وحلفاء فَصَارَ لَا يرى فِيهِ قدر ذِرَاع إِلَّا وَفِيه بِنَاء. وعمرت فِي أَيَّامه أَيْضا الْقطعَة الَّتِي فِيمَا بَين قبَّة الإِمَام الشَّافِعِي إِلَى بَاب القرافة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute