للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَوْقفهُ بطرِيق قراسنقر وَدخل رَفِيقه حَتَّى ينظر وَقت فرَاغ قراسنقر من الطَّعَام ليعرف بِهِ الفداوي. فاتفق أَن قراسنقر قَامَ وَمَشى إِلَى أثنا الدهاليز وَقد سبقه القاصد وَعرف بِهِ الفداوي وَأَعْطَاهُ السكين وَوصف لَهُ شكله وزي ثِيَابه وَقَالَ لَهُ هُوَ أول من يركب. فعندما وضع قراسنقر رجله فِي الركاب استدعاه الْوَزير فَعَاد وَقد قَامَ دمرداش نَائِب الرّوم من الْمجْلس وَكَانَ فِيهِ شبه من قراسنقر وخلعته الَّتِي عَلَيْهِ حَمْرَاء مثل خلعة قراسنقر فعندما ركب دمرداش وتوسط الطَّرِيق مر بالفداوي فَظَنهُ قراسنقر فَألْقى نَفسه من سطح كَانَ فَوْقه فَصَارَ على كفل الْفرس وَصَاح بسعادة السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد وضربه فِي رقبته أَلْقَاهُ عَن فرسه قَتِيلا. وَقَامَ الفداوي يعدو فأدركه الْقَوْم وأحضروه إِلَى جوبان فاتهم بِأَنَّهُ كَانَ مَعَ السلَامِي فلولا لطف الله بِهِ وعناية الْوَزير لقتل السلَامِي شَرّ قتلة وَقتل الفداوي بعد مَا عُوقِبَ أَشد الْعقُوبَة وَلم يعْتَرف بِشَيْء. وَمِمَّا حدث كَذَلِك أَنه بَينا قراسنقر فِي بعض الأعياد وَقد خرج مَعَ أُمَرَاء الْمغل من حَضْرَة أبي سعيد إِلَى عِنْد جوبان إِذْ وثب عَلَيْهِ فداوي فَألْقى قراسنقر نَفسه إِلَى الأَرْض فَوَقع الفداوي عَلَيْهِ وضربه بالسكين فأخطأه وَوَقعت السكين فِي الأَرْض. فَقطع الفداوي فَوق صدر قراسنقر قطعا وأقيم قراسنقر وَقد خرب شاشه وطاحت الكلفتاه عَن رَأسه وَكَانَ عقله أَن يذهب. وَكَانَ قراسنقر أحد مماليك الْمَنْصُور قلاوون عمله كوكندار ثمَّ ترقى حَتَّى ولي نِيَابَة حلب ونيابة دمشق. وَكَانَ كَبِير الْقدر بشوش الْوَجْه صَاحب رَأْي وتدبير وَمَعْرِفَة وَبَلغت عدَّة مماليكه سِتّمائَة مَمْلُوك. وَكَانَ كثير الْعَطاء لَا يستكثر على أحد شَيْئا وَكَانَ مهاباً كثير المَال وَترك وَلدين هما أَمِير عَليّ وأمير فرج وَإِلَيْهِ تنْسب الْمدرسَة القراسنقرية بِخَط رحبة بَاب الْعِيد من الْقَاهِرَة وَدَار قراسنقر بحارة بهَا الدّين. وَمَات الْأَمِير تنكز نَائِب الشَّام يَوْم الثُّلَاثَاء نصف الْمحرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>