إغراء وأفحش فِي التجاهر باللهو حَتَّى تحدث بِهِ كل أحد من الْأُمَرَاء والأجناد والعامة. وَصَارَ السُّلْطَان يطْلب الغلمان فِي اللَّيْل ويبعثهم لإحضار المغاني فغلب عَلَيْهِ الشَّرَاب فِي بعض لياليه فصاح من الشباك على الْأَمِير أيدغمش يَا أَمِير آخور هَات لي ابْن عطعط فَقَالَ أيدغمش: يَا خوند مَا عِنْدِي فرس بِهَذَا الِاسْم فَنقل ذَلِك السراخورية والركابية فتداولته الْأَلْسِنَة. فَطلب قوصون الْأَمِير طاجار والشهابي شاد العمائر وعنفهما وَقَالَ: سُلْطَان الْإِسْلَام يَلِيق بِهِ أَن يعْمل مقامات ويحضر إِلَيْهَا البغايا والمغاني وعرفهم أَن الْأُمَرَاء قد بَلغهُمْ هَذَا. فبلغوا السُّلْطَان كَلَام قوصون وَزَادُوا فِي القَوْل فَأخذ جُلَسَاؤُهُ من الْأُمَرَاء فِي الوقيعة فِي قوصون والتحدث فِي الْقَبْض عَلَيْهِ وعَلى الْأَمِير قطلوبغا الفخري والأمير بيبرس الأحمدي والأمير طقزدمر النَّائِب. فنم عَلَيْهِم الْأَمر يلبغا اليحياوي لقوصون وَكَانَ قد استماله بِكَثْرَة الْعَطاء فِيمَن استمال من المماليك السُّلْطَانِيَّة وعرفه أَن الِاتِّفَاق قد تقرر على الْقَبْض عَلَيْهِ فِي يَوْم الْجُمُعَة وَقت الصَّلَاة. فَانْقَطع قوصون عَن الصَّلَاة وَأظْهر أَن بِرجلِهِ وجعاً وَبعث فِي لَيْلَة السبت يعرف الْأَمِير بيبرس الأحمدي بالْخبر ويحثه على الرّكُوب مَعَه. وَطلب قوصون المماليك السُّلْطَانِيَّة وواعدهم على الرّكُوب صحبته وملأهم بِكَثْرَة مواعيده إيَّاهُم وَبعث إِلَى الْأَمِير الْحَاج آل ملك والأمير جنكلي بن البابا. فَلم يطلع الْفجْر حَتَّى ركب قوصون من القلعة من بَاب السِّرّ فِي مماليكه ومماليك السُّلْطَان وَسَار نَحْو الثغرة وَبث مماليكه فِي طلب الْأُمَرَاء. فَأَتَاهُ جركتمر بن بهادر فِي إخْوَته وبرسبغا بيبرس والأحمدي وقطلوبغا الفخري. وَأخذُوا أقبغا عبد الْوَاحِد من ترسيم طيبغا المجدي فَسَار مَعَه المجدي أَيْضا. ووقفوا بأجمعهم عِنْد قبَّة النَّصْر ودقوا طبلخاناتهم فَلم يبْق أحد من الْأُمَرَاء حَتَّى أَتَاهُم. هَذَا وَالسُّلْطَان وندماؤه فِي غَفلَة الْوَهم وغيبة سكرهم إِلَى أَن دخل عَلَيْهِم أَرْبَاب الْوَظَائِف وأيقظوهم من نومهم وعرفوهم مَا دهوا بِهِ. فَبعث السُّلْطَان طاجار إِلَى طقزدمر النَّائِب يسْأَله عَن الْخَبَر ويستدعيه فَوجدَ عِنْده جنكلي بن البابا والوزير وعدة من الْأُمَرَاء المقيمين بالقلعة. فَامْتنعَ طقزدمر من الدُّخُول إِلَى السُّلْطَان وَقَالَ: أَنا مَعَ الْأُمَرَاء حَتَّى أنظر عَاقِبَة هَذَا الْأَمر وَقَالَ لطاجار: أَنْت وَغَيْرك سَبَب هَذَا حَتَّى أفسدتم السُّلْطَان بفسادكم ولعبكم قل للسُّلْطَان يجمع مماليكه ومماليك أَبِيه حوله فَعَاد طاجار وَبلغ السُّلْطَان ذَلِك فَخرج السُّلْطَان إِلَى الإيوان وَطلب المماليك فَصَارَت كل طَائِفَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute