سرياقوس وصحبته الْأُمَرَاء على جاري الْعَادة. وَفِيه خلع على ضِيَاء الدّين يُوسُف. بن خطب بَيت الْآبَار وأعيد إِلَى حسبَة الْقَاهِرَة. وَفِي هَذَا الشَّهْر: ظهر لقوصون مُخَالفَة الْأَمِير طشتمر حمص أَخْضَر نَائِب حلب عَلَيْهِ وَسَببه أَنه شقّ عَلَيْهِ إِخْرَاج أَولا السُّلْطَان الْملك النَّاصِر إِلَى الصَّعِيد ويجهز الْعَسْكَر لقِتَال أَحْمد ابْن السُّلْطَان. وَكَانَ قد بعث إِلَيْهِ أَحْمد يشكو من قوصون وَأَنه يُرِيد الْقَبْض عَلَيْهِ وَيطْلب مِنْهُ النُّصْرَة عَلَيْهِ. فَكتب طشتمر حمص أَخْضَر إِلَى الْأُمَرَاء وَإِلَى قوصون بالعتب فَقبض على قاصده بقطيا وسجن. وَكتب قوصون إِلَى الْأَمِير ألطنبغا الصَّالِحِي نَائِب الشَّام بِأَن نَائِب حلب قد شرع يتَكَلَّم فِي الْفِتْنَة وَأَنه لَا يصغي إِلَى قَوْله وَحمل إِلَيْهِ أنعاماً كثيرا فَأجَاب بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَة وَالشُّكْر وَالثنَاء. وَفِيه أَيْضا تنكرت الْأَحْوَال بَين الْأَمِير قوصون وَبَين الْأَمِير أيدغمش أَمِير أخور وكادت الْفِتْنَة تقع بَينهمَا. وَذَلِكَ أَن بعض مماليك أَمِير عَليّ بن أيدغمش وشى إِلَيْهِ بِأَن قوصون قدر مَعَ برسبغا أَنه يبيت بِالْقَاهِرَةِ ويكبس فِي عدَّة من مماليك قوصون على أيدغمش. فَأخذ أيدغمش فِي الِاحْتِرَاز وَامْتنع من طُلُوع القلعة أَيَّامًا بِحجَّة أَنه متوعك الْجِسْم. وَصَارَ إِذا سير قوصون فِي سوق الْخَيل يغلق أيدغمش بَاب الإصطبل وَيُوقف طَائِفَة الأوجاقية عَلَيْهِ. فاشتهر الْخَبَر بَين النَّاس وَكَثُرت القالة. وَبلغ قوصون تغير أيدغمش عَلَيْهِ فَحلف لِلْأُمَرَاءِ أَنه لَا يعرف لتغيره سَببا فمازالت الْأُمَرَاء بأيدغمش حَتَّى طلع إِلَى القلعه وَعرف قوصون بحضرتهم مَا بلغه فَحلف قوصون على الْمُصحف أَن هَذَا لم يَقع مِنْهُ وَلَا عِنْده مِنْهُ خبر وتصالحا. فَبعث إِلَيْهِ أيدغمش بعد نُزُوله إِلَى الإصطبل بالناقل لَهُ فَرده إِلَيْهِ وَلم يُعَاقِبهُ. وَفِيه قدم الْخَبَر من الْإسْكَنْدَريَّة بوفاة الْأَمِير بشتاك بحبسه فاتهم قوصون بقتْله. وَفِيه قدم الْخَبَر من جركتمر بن بهادر بِأَنَّهُ وصل إِلَى الْملك الْمَنْصُور أبي بكر وشكى من ترفعه وتعاظمه عَلَيْهِ فَكتب بِطَلَب عبد الْمُؤمن وَالِي قوص على الْبَرِيد فَلَمَّا قدم خلع عَلَيْهِ قوصون وَأكْثر من الإنعام عَلَيْهِ وَقرر مَعَه مَا يعمله وَأَعَادَهُ على الْبَرِيد وَكتب إِلَى جركتمر بن بهاد بمساعدته على مَا هُوَ بصدده. وَفِيه أنشأ الْأَمِير قوصون قاعة لجُلُوس مَعَ الْأُمَرَاء من دَاخل بَاب القلعة وَفتح إِلَّا شباكاً يطلّ على الدركاه وَجلسَ فِيهِ مَعَ أكَابِر الْأُمَرَاء وَمد السماط بهَا وَصَارَ يدْخل إِلَيْهِ الْأُمَرَاء والمقدمون والأجناد. وَزَاد قوصون فِي راتب سماطه كثيرا من الْحَلْوَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute